أمور
تضعف الإيمان
بقلم
قداسة البابا
شنوده الثالث
16/9/2003
جريدة
الجمهورية
إن
الشيطان يعمل
باستمرار.
وبكل جهده علي
إضعاف إيمان
المؤمنين.
ويحاول هو
وأعوانه أن
يُضلوا لو
أمكن الأبرار
أيضا!! ولا
يكفي هؤلاء مجرد
إضعاف
الإيمان. بل
إنهم يحاولون
أن يوصلوا فريستهم
إلي إنكار
الإيمان أيضا!
فما
هي وسائل
الشيطان في
إضعاف
الإيمان؟ إنها
كثيرة:
بعضها
عنيف جدا..
وبعضها هادئ
قد لا يحسه
أحد..
*****
1-
الذات:
كثيرا
ما تقف الذات
ضد الله.
وترفضه لأنه
ضد رغباتها.
تشعر
الذات أن الله
يحدّ حريتها
التي تشتهي أشياء
لا يوافق عليها
الله. فلكي
تتمتع بهذه
"الحرية" أو
بهذا التسيب.
تنفصل عن
الله. أو ترفض
الله. ولعل
الوجوديين
الملحدين من
أمثلة
الرافضين لله.
وهؤلاء صار
شعارهم هو:
من
الخير أن الله
لا يوجد. لكي
أوجد أنا!!
وهؤلاء
قد أخطأوا في
المعني
الحقيقي
للوجود. والمعني
الحقيقي للحرية.
فليست الحرية
هي أن يفعل
الإنسان ما
يشاء. فقد
تكون مشيئته
خاطئة. إنما
الحرية
الحقيقية هي
أن يتحرر
الإنسان من كل
شيء يشينه..
يتحرر من
العادات
الرديئة التي
تستعبده. ومن
الشهوات
الدنسة التي
تنجسه. ويتحرر
من سيطرة
المادة عليه.
هذه التي تمنع
روحه من
انطلاقها. ومن
العشرة مع
الله التي هي
الوجود
الحقيقي.
*****
ومن
معوقات الذات
للإيمان: رغبة
الإنسان في الشعور
بذاته. من جهة
القوة
والعظمة
والكبرياء.
وكأنه إله علي
الأرض!!
نعم.
إن كثيرين
أنفسهم جميلة
في أعينهم.
ذاتهم هي
خصمهم!
فيمنعهم
عن حياة
الإيمان: محبة
الذات. والاعتداد
بالذات.
والرغبة في
تكبير الذات.
وتعظيم الذات.
وتحقيق شهوات
الذات.
والهروب من كل
من يكشف هذه
الذات أو يظهر
مساوئها..
وهكذا يريدون
أن تحيا ذاتهم
في جو من
التدليل
والمجاملة
والمديح.
يتضايقون من
كل كلمة
صريحة. ومن كل
تأنيب أو
تأديب.. فكيف
يمكنهم إذن أن
يحيوا في
الإيمان؟!
وأنت.
هل إيمانك
يتعطل بسبب
رغباتك
وغرائزك وأفكارك
وشهواتك؟ هل
هناك تعارض
بين الله وذاتك؟
إن كان الأمر
كذلك. انكر
ذاتك. قاومها.
انتصر عليها.
أو
اصلح ذاتك لكي
تتضع أمام
الله. فتحيا
في الإيمان.
*****
كذلك
من الأمور
التي تضعف
الايمان:
رغبة
الحواس في
الاقتناع
في
محاولة
لإخضاع
الإيمان
للحواس. بحيث
لا يؤمن الشخص
إلا بما تدركه
حواسه: ما
يراه. أو يسمعه.
أو يلمسه!
ومن
المحال أن
يدخل الإيمان
كله في نطاق
الحواس..
من
هنا كان
الملحدون لا
يؤمنون
بالأرواح ولا بالملائكة.
لأن حواسهم لا
تدرك الروح.
وهكذا كانت
طائفة
الصدوقيين..بل
لا يؤمنون ايضا
بقيامة
الأموات. ولا
بحياة الدهر
الآتي..
وايضا
لا يؤمنون
بوجود الله.
لأن الله لا
يمكن إدراكه
بهذه الحواس
المادية.
والإيمان هو
الإيقان
بأمور لا
تري..ولهذا
حسناً قال
السيد المسيح
"طوبي لمن آمن
دون أن يري"
****
أيضا
من الأمور
التي تعطل
الإيمان أو
تضعفه:
محاولة
إخضاع
الإيمان
للعقل:
إن
العقل له حدود
لا يتعداها.
والإيمان
مستوي أعلي
منه
علي
أن هناك
اشخاصا
يريدون أن تعي
عقولهم اللامحدود.
وما هو فوق
إدراكهم. وأن
يخضعوا الأمور
الخاصة بالله
وملكوته
للفحص
العلمي..! وهذا
غير ممكن
منطقيا. وليس
من العقل أن
يخضع غير
المحدود لهذا
العقل
المحدود!
ومن
هنا فإن هؤلاء
العقلانيين.
يرفضون ما لا
يستطيع العقل
أن يستوعبه!
فيرفضون مثلا
الوحي. والمعجزة!
ويعتبرون
ما ذُكر عن
المعجزات
لونا من الأساطير
MYTHOLOGY إن
المعجزة هي
مستوي أعلي من
العقل. تعتمد
علي الإيمان
بقدرة الله
غير المحدودة.
نقبلها وإن
كنا لا ندرك
كيف تتم. كما نقبل
مثلا كثيرا من
الإنتاج
العلمي
الحديث. الذي
يقرب في مفهوم
البعض من
المعجزات. علي
الرغم من عدم
إدراك
غالبيتنا كيف
يتم.
****
سبب
آخر يؤدي إلي
ضعف الإيمان
هو
معاشرة
الشكاكين
كما
أن معاشرة
رجال الإيمان
تقوي الإيمان.
كذلك معاشرة
الشكاكين
تغرس الشك في
العقول وفي القلوب.
إن
كانت بمداومة.
أو من النوع
العميق الأثر.
أو كان
المستوي
المعرض
للشكوك أقل في
المعرفة أو في
المستوي
العقلي. أو
كان غير عميق
في الإيمان..لذلك
فمن الحكمة
الامتناع عن
مخالطة
المنحرفين في
إيمانهم وفي
أفكارهم. كم
من أناس
خالطوا
الملحدين.
واستمعوا إلي
شكوكهم في
الايمان. أو
قرأوا كتبهم. فكانت
النتيجة أنهم
تأثروا بهم
وانجرفوا في تيارهم..!
****
كذلك
من جهة السلوك
والروحيات.
فإن مخالطة الشكاكين
تضعف الإيمان.
فقد
تحدث لك تجربة
أو مشكلة
وتقبلها في
إيمان. وتسلّم
الأمر لله
شاكراً إياه
علي كل حال. ثم
يزورك شخص
قليل الإيمان
وكثير الشك.
فيظل يشرح لك
شكوكه من جهة
خطورة
الموضوع
وتطوره.
فيخيفك جداً
من النتائج
المتوقعة. حتي
تفقد سلامك الداخلي.
ويضعف إيمانك
من جهة حفظ
الله لك في
تلك المشكلة.
لذلك كن
حريصاً جداً
في اختيار من
تعاشرهم
وتختلط
بأفكارهم
وهذا يقودنا
إلي نقطة أخري
في إضعاف
الإيمان وهي:
****
الانقياد
وضعف الشخصية
هناك
من
لايستطيعون
الصمود أمام
الشائعات وكلام
الناس. فتهتز
نفوسهم من
الداخل بسبب
التأثير
الخارجي الضاغط.
فيتحولون عن
إيمانهم
الأول - عقيدة
أو سلوكاً -
وينقادون. لأن
شخصياتهم
أضعف من أن
تصمد..! أما
الإنسان
القوي
الإيمان
القوي
الشخصية. فإنه
لايهتز
مطلقاً في
إيمانه ولا في
روحياته. ولاينقاد
لأي فكر
خارجي.
وكما
ينقاد البعض
بسبب
الشائعات.
كذلك هناك من
ينقادون وراء
من يدّعي
الرؤي
والأحلام!!
ويظنون
أن ما يدعيه
من رؤي
وأحلام. إنما
هي من الله.
ويتأثر
إيمانهم
منخدعين بما
يسمعونه. ولو
كان ذلك ضد
معتقداتهم أو
ضد مبادئهم
الروحية!..
حقاً إن
الانقياد من
الأسباب التي
تضعف الإيمان
*****
الخوف
الخوف
يضعف
الإيمان..
وضعف الإيمان
يؤدي إلي
الخوف.
الإنسان
المؤمن
برعاية الله
وحفظه.
لايخاف. فإن
بدأ يخاف.
إنما يدل علي
أن إيمانه قد
ضعف.
في
عصور
الاستشهاد.
كان المؤمنون
أقوياء جداً
قي إيمانهم.
لذلك ما كانوا
يخافون
التهديد ولا
التعذيب بكل
ألوانه. بل ما
كانوا يخافون
الموت أيضاً.
لأن إيمانهم
بالحياة
الأخري كان
حصناً لهم من
الخوف.. أما
الذين خافوا.
فقد أنكروا
الإيمان.
******
الشهوة
ونقصد
إحدي الشهوات
الخاطئة. مثل
شهوة الزنا. أو
شهوة المال.
أو شهوة
التشفي
والانتقام. أو
شهوة التعالي
والكبرياء. أو
شهوة
السيطرة.. وما
إلي ذلك.
ومن
قواعد الإيمان
أن الله موجود
في كل مكان.
ويري الخفيات
والظاهرات.
وبالتالي يري
كل شخص أثناء
ممارسته
لشهواته.. فإن
كان ممارس
الشهوة يؤمن
بهذه الحقيقة
إيماناً
عملياً. لكان
يستحي أو يخاف
من ممارسة
شهواته. أمام
الله..ولكنه
من الواضح
تماماً. أن
الإنسان
الشهواني -
أثناء
ممارسته
للشهوة - يكون
إيمانه في
حالة غيبوبة
كاملة. قد
غيّبته
الشهوة.
لايكون
الإيمان أمام
عينيه
إطلاقاً.
لايكون في
ذهنه أنه أمام
الله. وإن مرّ
هذا الفكر
بذهنه. يقابله
بلا مبالاة!
*******
ضلالات
الشياطين
إن
الشيطان قد
يخدع الناس
بأحلام ورؤي.
وبأخبار
ونبوءات
كاذبة.
وبأفكار
ضلالات وبدع.
لكي يحطم الإيمان
في قلوبهم.
ويحوّلهم إلي
طريق بعيد عن
الله.
والإنسان
الحكيم يحتاج
في كل هذا أنه
لايصدّق كل
روح.. بل يختبر
الأرواح هل هي
من الله؟! أو علي
الأقل يستشير
أهل الحكمة
والمعرفة.
ويكشف لهم ما
يوحي الشيطان
به إليه.. لأنه
من خداع
الشيطان أنه
قد يظهر حتي
في هيئة ملاك
من نور..!!
ما
أكثر الذين
أضلّهم
الشياطين
بايحاءات كاذبة.
وأبعدوهم عن
الإيمان
بأنواع شتي من
الشكوك.
****
الشك
الشك
يضعف
الإيمان..
وضعف الإيمان
يولّد الشك.
تماماً
كما قلنا عن
الخوف..
كلاهما يسبب
الآخر أو ينتج
عنه.. فإن
حاربتك
الشكوك من جهة
وجود الله. أو
من جهة بعض
العقائد
الإيمانية
الأساسية. فلا
تخف. هذه مجرد
محاربات من
العدو. وليست
إنكاراً منك
للإيمان..
وبخاصة إن كان
قلبك رافضاً
لها.
لذلك
في مثل هذه
الحالات. عليك
أن ترفع قلبك
إلي الله.
وتصلي أن يرفع
عنك هذه
الحروب. وأن
تغير مجري
تفكيرك. بأن
تنقل أفكارك
إلي موضوع آخر
تنشغل به.
****
علي
أن هناك
حروباً أخري
للشك أخف من
هذه. نذكر
منها:
الشك
في معونة الله
ورحمته. أو في
أن الله قد تخلي
عنك.
بينما
ضميرك قد يصرخ
في أعماقك
بعبارة "ياقليل
الإيمان.
لماذا شككت؟!" ذلك
لأن الإيمان
القوي لايشك
مطلقاً في
عناية الله.
ولكن الضيقات
الكثيرة
المستمرة. قد
تضغط علي
القلب
أحياناً
وتقول: لماذا
الرب لايهتم؟!
لماذا لايسمع
الصلوات؟!
لماذا يسمح
بكل هذا؟!..
والرب في
الواقع يرقب
بكل حب: كالأب
الذي يعلّم
ابنه العوم:
يتركه قليلاً
ليتدرب
ويكتسب خبرة.
ويرقبه بكل
حرص. فإن رأي
خطراً يحيق
به. يسرع إلي
حمله
وإنقاذه..
وكالأم التي تدرب
ابنها علي
المشي. فتتركه
ليقوم ويسقط
ثم يقوم. لكي
تشتد عظامه
وتقوي عضلاته
ويتعلم. أما
إن كانت في كل
صرخة منه.
تسرع وتحمله
علي كتفها.
فإنها بهذا
تضره. ولن
تقوي عظامه
ولن يتعلم
المشي وبنفس
الوضع: النسر
الذي يدرب
فراخه علي
الطيران.
*****
إن
أزمنة الضيق
هي مدرسة لنا:
نتدرب فيها
علي الصلاة.
وعلي الإيمان.
وعلي انتظار
الرب: كيف ومتي
يعمل. وبقوة..
إن
الإنسان قد
يشك إن نظر
فقط إلي
المتاعب. وليس
إلي الله!
والمؤمنون
الحقيقيون
لايشكون حتي
إن بدوا
"كحملان وسط
ذئاب"! فما دام
الراعي
الصالح وسطهم.
فلن تقوي
عليهم الذئاب.
ولا حتي
الأسود..!
إن
ابانا
إبراهيم لم
يشك حينما
أمره الله بتقديم
ابنه ذبيحة.
فقد كان يؤمن
تماماً أن
قلبه ليس أحن
علي ابنه من
قلب الله!
******
إن
الذي لايشك.
يعيش دائماً
في راحة
وسلام.
يحيا
دائماً
مطمئناً.
لاتتعبه
الظروف الخارجية
الضاغطة.. وما
أكثر المتاعب
التي تولدها الشكوك
في القلب وفي
الفكر.. مثل
القلق والخوف والاضطراب.
مجرد الشك هو
نفسه تعب. نار
تحرق.. والشك
يعالج بالثقة
والإيمان. إن
الإيمان يقتل
الخوف والشك.
والخوف والشك
قد يقتلان
الإيمان.
فلنبعد عنهما.