من
حيل الشياطين
بقلم
قداسة البابا
شنوده الثالث
14/1/2003
جريدة
الجمهورية
ما أكثر
حيل الشياطين!
إنها لا
تنتهي.. إن لم
تصلح حيلة
منها.
يستبدلها
بغيرها.
وبثانية وثالثة..
إلي أن يصل
إلي غرضه.
وليست هناك
خطة واحدة أمامه
لتوصّله.. بل
هو يتخذ لكل
وضع ما يراه مناسباً.
دون أن يتقيد
بشيء.
علي أنه من
أشهر خططه
الواضحة
المتكررة.
بضعة أساليب
صارت معروفة
ومحفوظة. نذكر
من بينها ما
يأتي.
****
خطية تلبس
ثوب فضيلة
ما أسهل أن
يقدم لك
الشيطان بعض
الخطايا بأسماء
غير أسمائها.
بأسلوب
يسهل قبوله.
بحيث تلبس
الخطايا ثياب
فضائل..!
فالدهاء
يسميه باسم
الذكاء. وكذلك
المكر والتحايل
والتهكم علي
الناس
والاستهزاء
بهم. يقدمه
علي اعتبار
أنه لطف وظرف.
ومحبة وعدالة.
ومحاولة
للترفيه..!
ويقدم لك
القسوة في
معاملة
أولادك أو
إخوتك الصغار.
باسم التأديب
والتربية
والتقويم. ويجعل
ضميرك يوبخك
إن لم تؤدبهم!
والتزين
غير اللائق
والتبرج.
يقدمهما لك
باسم الأناقة
والنظافة!
وبهذا
الشكل ما أسهل
علي الشيطان
أن يسمي الرقص
فناً!
ويسمي
الصور
العارية
والماجنة
فناً أيضاً.. وتحت
اسم الفن يخفي
الشيطان
كثيراً من
الخطايا
والعثرات. لا
تستحق هذا
الإسم الجميل.
***
إن
الشيطان لا
يقدم الخطية
مكشوفة. لئلا
يرفضها
الإنسان
بل يجعلها
مختفية وراء
اسم مقبول.
وهي هي. ولا فارق.
يقول إنني
سأدخل مع هذا
المخلوق
البسيط في حرب
مسميات. لكي
أسقطه فيما
أريد من
الخطايا. ربما
دون أن يشعر..
أو قد يشعر.
ولكن ضميره لا
يبكته.
لو أنني قدمت
له الرياء.
ومحبة
المظاهر.
ومحبة مديح
الناس. بهذه
الأسماء
المنفرة..
لكان يرفضها
جميعاً بلا
شك. ولكنني
سأدعوها
جميعاً باسم
آخر هو تقديم
القدوة
الحسنة.
والوسيلة
العملية للفضيلة!
ليس من
"الحكمة" أن
يسمي الشيطان
الخطية خطية.
لأنه بذلك
يكشف أوراقه.
ولا يصل إلي
هدفه.
***
الكذب
يمكن أن يقدمه
الشيطان تحت
اسم "الحكمة"!
يلقيه في
عقل الإنسان
وقلبه كنوع من
حسن التصرف.
أو إنقاذ
الموقف.
والطبيب قد
يكذب علي المريض
من جهة نوع
مرضه. ويسمي
ذلك أمام
ضميره "حفظ
معنويات
المريض". وعدم
صدمه
بالحقيقة
المرة. لئلا
ينهار نفسياً.
وليس هذا في
صالح علاجه!
وهناك من
يسمون بعض
أنواع الكذب
بالكذب الأبيض!
وربما
يسمون الكذب
في أول أبريل.
باسم الفكاهة
والدعابة
والتندر!
والكذب في
مجال
المحاماة.
يعتبرونه بذل
كل الجهد في
إنقاذ المتهم.
أو يعتبرونه
إخلاصاً لمن
وكّلهم. أو هو
جزء من سر
المهنة!
كذلك
الكذب في مجال
البيع
والشراء.
يختفي وراء
اسم الشطارة
والمهارة.
والخبرة في
شئون التجارة.
***
إن إلباس
الخطية ثوب
الفضيلة. يجعل
الناس يستمرون
فيها
فليس فقط
من جهة
الماضي. لا
يتبكت
الإنسان من ضميره.
وإنما أيضا من
جهة المستقبل.
يستمر الخاطي
فيما هو فيه.
وقد يتحول
الخطأ إلي
عادة. بسبب
هذا الخداع من
الشيطان.
ولنأخذ
البخل كمثال:
إن الشيطان لا
يسميه بخلاً.
وإلا ما كان
أحد يقبله.
ولكنه يقدمه
باسم آخر. وهو
"حسن تدبير
المال". أو
"حفظ المال
لحاجة
المستقبل". أو
يسميه "عدم
التبذير". أو
"عدم الإسراف"!..
وإذا أراد أن
يمنع غنياً عن
أن يدفع
للفقراء. يقول
له: ليس من
الخير أن
تعلمهم
التسوّل. أو
أن تعوّدهم
التشرد
والتواكل! إن
عدم إعطائهم
هو حكمة وعين
الحكمة. لكي
يبحثوا عن
عمل. ولكي
يأكلوا خبزهم
بعرق جبينهم
حسب وصية
الرب!
***
إن
الشيطان يقدم
الاستنساخ
علي أنه طفرة
من طفرات
العقل. وأنه
لون من النمو
في العلم.
ونتيجة لتطور
المعرفة!
وإن وقف
رجال الدين
يعارضون
الاستنساخ.
يقولون لهم:
من العار
أن تقفوا ضد
العقل والعلم.
كما حدث في
العصور
الوسطي. فسميت
بالعصور
المظلمة..! اتركوا
العقل ينطلق
بكل قدراته.
وسوف ترون في
طاقاته عجباً!
احترسوا
إذن يا إخوتي
من التبريرات
المضللة. ومن
المسميات
الخاطئة. ولا
تسمحوا
للشيطان أن
يخدعكم. فإن
الخطية هي
الخطية. مهما
اختفت وراء
اسم آخر. أو
وراء تبريرات
وتعليلات!
كذلك
احترسوا من
حيلة أخري
يستخدمها
الشيطان وهي:
***
تحطيم
فضيلة
لاكتساب
غيرها
إن الشيطان
يتضايق من
فضائلك
الثابتة التي
صارت وكأنها
من طبيعتك.
لذلك يحاول أن
يحطمها بكل وسيلة
وبكل حيلة.
وإذ لا
يستطيع أن
يقول لك "اترك
هذه الفضيلة" فإنه
يغريك بفضيلة
أخري. يحاول
بها أن يحطم
ما هو ثابت
عندك من
الفضائل!
مثال ذلك :
إنسان يحيا في
وداعة وهدوء وسكون.
وفي سلام مع
جميع الناس.
ويريد
الشيطان أن
يبعده عن كل
هذا. فماذا
يفعل؟
أتراه
يقول له : اترك
طبعك هذا
المحبوب من
الكل!! كلا. بلا
شك. ولكنه
يقدم له فضيلة
بديلة وهي إصلاح
المجتمع
والدفاع عن
الحق..
ويصوّر له
أنه سوف يصير
بطلاً يعجب
الناس بجرأته!
وفي هذه
الفضيلة
الجديدة.
يعلّمه كيف
يثور علي المخطئين.
ويكشفهم.
ويوبخ
أعمالهم أمام
الكل. ويقتنع
هذا "الضحية"
المسكين. ويظل
يكشف ويوبخ وينتهر.
ودون أن يشعر
يتحول إلي
القسوة
والتشهير.
لأنه لا يعرف
الأسلوب
الروحي في
الإصلاح. وبدون
أن يدري يجد
نفسه قد فقد
حياة الوداعة
والهدوء التي
كان يحياها من
قبل.. فقد فضيلة
ثابتة. ليكتسب
أخري لا يعرف
السلوك فيها!!
وهكذا
يفقد وداعته
ورقته ودماثة
خلقه. ويكره الناس
ويكرهونه!
ثم ما يلبث
أن يتعب من
أسلوبه
الجديد الذي
لا يتفق مع
هدوء طبعه.
ويحاول أن
يرجع إلي حاله
الأول. ولكنه
لا يجد قلبه
نفس القلب.
ولا فكره نفس
الفكر! بل يري
أنه قد فقد
بساطته
ونقاوة قلبه
وفكره. كما
فقد حسن
علاقته مع
الآخرين. وفقد
أمثولته
الصالحة التي
كان ينتفع بها
غيره!
لقد أطمعه
الشيطان في
فضيلة لا
يعرفها. وأفقدته
فضيلته
الطبيعية. فما
احتفظ
بالأولي. وما
كسب الثانية. وصار
في بلبلة!
حقاً. إن
العمل الصالح
لا يهدم بعضه
بعضاً. ولكن
كل إنسان له
شخصيته التي
قد تختلف عن
غيره. وقد لا
يناسبه ما
يناسب غيره.
***
مقال آخر:
إنسان يعيش في
عفة وفي نقاوة
قلب. مبتعداً
عن كل ما يدنس
فكره سواء من
الخلطة الخاطئة
أو من
القراءات
والمناظر..
هذا
الإنسان
العفيف
الطاهر. يريد
الشيطان أن يحاربه.
ولكنه لا
يستطيع أن
يقدم له ما
يعثره بطريقة
مكشوفة. فماذا
يفعل؟
يفتح
أمامه الباب.
ليكون مرشداً
روحياً يقود الشباب
إلي الطهر.
إذ كيف
يعيش في حياة
العفة وحده.
ويترك أولئك المساكين
يسقطون كل
يوم. ولا يقدم
لهم مشورة
صالحة تنقذهم
مما هم فيه؟!
ويظل به يقنعه
حتي يقبل هذه
الخدمة
الروحية
الحيوية ويقبل
أن يرشد
هؤلاء. وأن
يستمع إلي
مشاكلهم وأخطائهم.
ويقدم لهم
حلولاً.
ويظل
هؤلاء يصبون
في أذنيه
أخبارهم وقصص
سقوطهم
ويستمع
"المرشد
الطاهر" إلي
كل ما كان يبعد
عن سماعه.
ويعرف ما كان
لا يحب أن
يعرفه. ويقدم
كل منهم صورة
من قصص
نجاساته.
***
وعن طريق
الإرشاد يجد
صاحبنا عقله.
وقد امتلأ بصور
دنسة!!
وأصبح
يعرف أشياء
صارت تشوّه
طهارة فكره.
وتدنسه
بأخبار وقصص
"ذكرها أيضا
قبيح"! وحتي إن
كانت هذه كلها
لا تثير فيه
انفعالات
خاطئة. فعلي
الأقل ستنجس
فكره. وكأنه
قد قطف
أثماراً غريبة
من شجرة معرفة
الخير والشر.
وهذا ما أراده
الشيطان له.
وإن حاول
أن يبتعد.
يقال له: وما
ذنب هؤلاء الشبان
إذ تتخلي عنهم
فيرجعون إلي
سقطاتهم؟! وقد
يكونون قد
تعلقوا بهم.
وأصبحوا
يلحون عليهم ألا
يتركهم. وهي
في حيرة ما
بين سعيه إلي
نقاوة فكره.
وحرصه علي هداية
غيره.
وما
أدرانا: ربما
يسقط هذا الأخ
المرشد. ولو بالفكر
والقلب!
***
ويشبه هذه
الصورة حيلة
يلجأ إليها
الشيطان في
مجال
الإلحاد..
إنسان
مؤمن يحيا في
بساطة
الإيمان وفي
ثقته. يلقي
الشيطان في
طريقه
بمجموعة من
الملحدين أو
من أصحاب
البدع
يحتاجون إليه
من جهة شكوك
تتعبهم. لكي
يرد عليها
ويقوي
إيمانهم.
وتتوالي
هذه الشكوك
عليه: بعضها
من فلسفات معقدة
لا تؤمن بوجود
الله. وبعضها
من رجال العلم.
وبعض من
اختراعات
حديثة. كلها
تريد حلاً.
ويبدأ إيمان
هذا المرشد
يتحول شيئاً
فشيئاً من
بساطة
الإيمان.
وقبول ما قد
تسلمه من قادته
الدينيين. إلي
الفكر والبحث
العلمي..
وقليلون من
يحتفظون
بالأمرين
معاً.. ويجد
الشكوك تتكاثر
عليه. مما قد
سمعه. وما
يضيفه
الشيطان إليه
من شكوك..
وينبغي أن
نعرف أنه ليس
كل أحد له
القدرة علي الارشاد
فالذين لهم
هذه الموهبة.
لا يصيبهم ضرر
من سماع
المشاكل الروحية
والخطايا
الجسدية. ولا
من المشاكل
العقيدية
وسماع الشكوك.
غير أن
الشيطان قد
يغري
بالارشاد من
ليست لهم هذه
الموهبة.
***
حيلة أخري
من حيل
الشيطان هي :
التشكيك
إن
الشيطان يزرع
الشكوك في كل
مجال من
مجالات الحياة.
لأن الإنسان
في حالة الشك
يكون ضعيفاً
قد يقدر
الشيطان
عليه..
* فهو مثلاً
يغرس الشك من
جهة التوبة
سواء من
جهة إمكانية
التوبة. أو
قبول الله لها...
فهو يصوّر
للإنسان أنه
ليس من السهل
عليه أن يتخلص
من خطاياه.
التي صارت
طبعاً له. أو
صارت محبوبة
لديه جداً لا
يمكنه
الاستغناء
عنها. وإذ
يغرس فيه ذلك.
يخفي عنه
معونة الله
ونعمته..
أما إن صمم
الإنسان علي
التوبة. فإن
الشيطان يشكك
في قبول الله
لتوبته. إما
لأنها أتت بعد
فوات الفرصة.
أو لأنها توبة
غير حقيقية.
أو لأن خطاياه
بشعة من الصعب
مغفرتها.
وغرض
الشيطان من
هذا أن يلقي
التائب في
اليأس. ليستمر
كما هو.
***
وقد يغرس
الشك في أسلوب
الحياة الذي
يتخذه
هل في
استمرار تلقي
العلم
والحصول علي
شهادات أعلي.
أم في العمل
والنجاح في
مشروعات خاصة هي
أفيد له من
الدراسات
العليا؟!
وهل
الأصلح له
الزواج الآن.
أم التريث
ريثما تتاح فرصة
أفضل؟ وهل
التقدم ليكون
شريك الحياة
هو المختار من
الله أم غيره؟
بل قد يغرس
الشيطان الشك
ما بين الزوج
وزوجته. وما
بين رئيس
العمل
ومرؤوسيه. وما
بين الشريك
وشريكه. وما
بين الصديق
وصديقه.. يشكك
في كل تصرفات
الناس.
ونياتهم
ومقاصدهم وكل
ذلك لكي يزعزع
صلات الناس
ببعضهم البعض.
ويثير
الانقسام
والنزاع. ويضيع
الحب الذي هو
عماد الحياة
الاجتماعية
والروحية
كلها!
حتي
الأمور التي
يمكن أن تمر
بسهولة.
يعقدها الشيطان
بشكوكه
العديدة. وقد
يخلق منها
مشاكل عويصة.
لكي لا يتم أي
عمل نافع!
****
والشيطان
قد يشكك في
الإيمان ذاته.
وفي العقائد
وقد يشكك في
الفضيلة وفي
منفعتها.
وإمكانية
الحياة بها.
لذلك لا
تقبل شكوكه في
داخلك. ولا
لعطها مجالاً
لتستمر
ولتكن لك
ثوابت في
حياتك لا تقبل
المناقشة ولا
الشك.
وأرجو أن
أحدثك عن
الشكوك في
مناسبة أخري.
بتفاصيل أكثر.