أسباب
تعب الأعصاب
بقلم
قداسة البابا
شنوده الثالث
3/6/2003
جريدة
الجمهورية
يظن كثير
من الناس أن
تعب الأعصاب
خاص بخطية الغضب.
أو النرفزة.
علي اعتبار أن
النرفزة مشتقة
من كلمة Nerve أي عصب
- علي أن هناك
أسباباً
كثيرة لتعب
الأعصاب. نذكر
منها:
1- المرض
الجسدي:
يحدث أن
بعض العظام في
الجسد تضغط
علي أحد العظام
فتسبب له
ألماً. مثال
ذلك في بعض
أمراض العمود
الفقري. أن
يضغط العظم
علي ال Scaiatic Nerve الذي
يمتد ما بين
الفقرات
القريبة من
الحوض حتي
القدم فيشعر
الإنسان بألم
وتعب في
الأعصاب.
يسمونه
سياتكا. كذلك
قد تتعب
الأعصاب في
أمراض
الأسنان. إذا
امتد السوس إلي
العصب محدثاً
ألماً. ويحتاج
الأمر إلي عملية
يقوم بها طبيب
أسنان متخصص
في علاج
العصب.
***
2- الإرهاق
الجسدي:
إذا كان
الإنسان
مرهقاً جداً
من التعب.
يكون في حاجة
إلي الراحة أو
النوم. وتكون
أعصابه غير
محتملة أي نوع
من الجدال.
وتصبح
المناقشة معه
في هذه الحالة
عبارة عن ضغط
علي أعصابه قد
لايحتمله.
ويبدو أمام
الناس كأنه
ضيق الصدر!
لذلك
نصيحتي لكل
زوجة أنها
لاتضغط علي
زوجها في
مناقشة وهو
مرهق. ولاتلح
عليه في طلب
وهو في مثل
هذه الحالة.
وإن حدث ذلك
وثار عليها أو
رفض الحديث
معها. فلا
تتهمه بالشدة
أو الجفاء.
إنما تلوم
نفسها لأنها
كلمته في وقت
غير مناسب.
وهو مرهق
عصبياً.
كذلك علي
أي مرؤوس ألا
يطلب من رئيسه
طلباً وهو
مرهق. فقد
لايستجيب
لطلبه أو قد
يرفض سماعه. ليس
لأن الطلب غير
سليم. وإنما
بسبب الإرهاق.
ولو تم العرض
في وقت آخر.
لاستجاب.
إن الله
يعلم بمضار
الإرهاق.
وبحاجة الجسد
إلي الراحة.
لذلك منحنا
وصية -
لصالحنا - أن
نستريح يوماً
كل أسبوع..
كذلك وضع لنا
أعياداً نستريح
فيها ونفرح.
بالاضافة إلي
مناسباتها
المقدسة.
***
3- نوع
الأطعمة:
هناك فرق
بين الطعام
النباتي وأكل
اللحوم.
بالنسبة إلي
الأعصاب.
فالنباتيون
بصفة عامة يكونون
أكثر هدوءاً
من آكلي
اللحوم .
وبخاصة الذين
يأكلون لحماً
بدمه. فإن
أعصابهم تثور
بسرعة. لذلك
عجبت أثناء
زيارتي لبعض
بلاد الغرب.
إذ رأيتهم
أحياناً
يقدمون
لحوماً فيها
شيء من الدم.
والذي لايريد
ذلك. عليه أن
يطلب لحما
مسوّي تماماً well done.
صدقوني.
حتي بالنسبة
إلي طعام
الوحوش في
حديقة
الحيوان.
يحرصون أن
يبعدوهم عن
الدم. لئلا يزدادوا
وحشية ويصعب
ضبطهم. ولذلك
من الخير أن يقدموا
لهم لحوماً
مسلوقة
ليأكلوها.
***
4- نوع
الألوان
والموسيقي:
هناك
ألوان مثيرة
للأعصاب. وبخاصة
اللون الأحمر.
ولهذا فإن
الشاعر فؤاد
بليبل قال في
وصفه لحجرة
امرأة زانية:
في حجرة
حمراء تحسب
أنها ... قد
ضُرّجت بدم
العفاف
المهدر
أما اللون
الأخضر فهو من
الألوان
المهدئة للأعصاب.
ولذلك تحرص
الدول
الراقية علي
أن تكون المناطق
السكنية
محاطة
بمساحات خضراء
Green Areas
* أما عن
الموسيقي. فهي
علي أنواع.
منها ما هو مهديء.
وما هو مثير.
منها ما ينقل
إلي جو حالم.
أو إلي جو
روحي. منها
الموسيقي
الصاخبة.
والموسيقي
الدينية.
والموسيقي
العسكرية. وقد
كان الموسيقي
الشهير
بيتهوفن يعزف
لحناً يجعل
السامع يثار.
وآخر يهدئة.
وهكذا يتلاعب
بمشاعره كما
يشاء. ومن
المعروف أن
موسيقي الجيش
تلهب المشاعر.
وتثير العواطف.
وتوقظ
الأعصاب
وتشدها. فاختر
لنفسك لوناً من
الموسيقي
يشيع الهدوء
في نفسك.
***
5- نوع
الطباع:
يقسمون
الطباع إلي
أربعة أنواع:
الناري. والهوائي.
والترابي.
والمائي. فالنوع
الناري هو
أكثرها ثورة
وجرأة.
وأقربها إلي الإثارة
والاستثارة.
حتي بين
الشعوب - وليس
فقط الأفراد -
يقال ان الشعب
الفلاني بارد
بطبعه. حتي في
فكاهاته. تكون
فكاهاته
بادرة. ويقولون
عن شعب آخر
إنه "زربون"
أي أنه يثور
بسرعة.. فحسب
نوعية الطبع.
تكون الأعصاب
في تعبها أو
راحتها.
***
6- أخطاء
الآخرين:
إن بعض
أخطاء
الآخرين قد
يثير الأعصاب
أو يتعبها.
من ذلك:
الكلام
المتعب. وهو
علي أنواع:
منه إطالة
الكلام بدون
داع. بطريقة
مملة تتعب
الأعصاب.. أو
تكرار الكلام
مما لايحتمله
الذهن. أو كثرة
المقدمات دون
الدخول في
الموضوع. إلا
بعد إرهاق
السامع. أو
شرح المفهوم
والواضح. كما
لو كان
المتكلم يتهم
السامع بضيق
الفكر أو
بضحالة
المعلومات.
ومن أخطاء
الكلام. نوع
من النقاش
مثير للأعصاب:
منه المغالطة
في الكلام
ومنه
"المقاوحة" واصرار
المتكلم علي
ترجيح رأيه
مهما كان مخطئاً..
وقد يمتزج جدله
بالكذب
واختلاق
الأسباب.
***
7- الإهانة:
قليلون
جداً هم الذين
يحتملون
الإهانة. لأنها
تثير الأعصاب.
وبخاصة عند
الإنسان
المتمسك بكرامته.
وربما
يحتملها
البعض من
الخارج. فلا يثور.
ولا يرد
الإهانة
بمثلها. ولكنه
يكون مثاراً
في داخله.
ويدخل في
موضوع
الإهانة:
الاتهام
الظالم.
والكلام
الموجع. وقد
تكون الإهانة
علي شكل من
"المزاح
الثقيل" غير
المقبول. الذي
يخرج عن حدود
المزاح.
ويتحول إلي
لون من
الاستهزاء. أو
التحقير
والاستهانة
بكرامة
السامع.
والإدعاء بأن
ذلك لون من
الدالة! وقد
تشتمل
الإهانة علي
إغاظة أو
إثارة. فعلي
الإنسان أن
ينتقي
الألفاظ في
حديثه مع
غيره. وربما
تكون الإهانة
بغير كلام.
بالحركات أو الإشارة
أو الملامح.
***
8- الإحراج:
الإحراج
يتعب الأعصاب.
وقد يكون ذلك
بتقديم سؤال
تصعب الإجابة
عليه. أو بجرّ
السامع إلي موضوع
لايريد
الحديث فيه.
بل يحرجه
الخوض فيه. وقد
يكون الإحراج
بكشف أسراره
أو أخباره.
ويزداد
الإحراج
وإتعاب
الأعصاب. إن
كان ذلك
مقصوداً. أو
كان أمام
الناس. أو كان
أمام مجموعة
معينة يتعبه
الإحراج
أمامها.
***
9- العناد:
إن كانت
مخالفة الأمر
متعبة
للأعصاب. فلا
شك أن استمرار
العصيان يكون
متعباً
بالأكثر.
أما إن أخذ
العصيان
شكلاً من
التمرد أو
العناد
المقصود. فإنه
يكون مثيراً
للأعصاب. لأنه
يدل علي
التحدي
والاستهانة.
وبخاصة لو صدر
من شخص من
المفروض فيه
أن يخضع
ويطيع.
وما أكثر
ما يجره
العناد من
نتائج خطيرة.
وبالذات في
نطاق الأسرة.
كلما تكرر
العناد. وضاقت
الأعصاب عن
احتماله.. وقد
يؤدي إلي
خلافات ربما
تصل إلي
التقاضي في
المحاكم.
وبالإضافة
إلي العناد في
محيط الأسرة.
فإنه في محيط
العمل قد يؤدي
إلي فصل موظف
من وظيفته إذا
ضاقت أعصاب
رئيسه عن
احتمال ذلك
العناد المتكرر
في مخالفة
أوامره.
***
10 - النكد :
النكد
متعب للأعصاب.
لأنه ضغط
مستمر عليها.
وبخاصة لو ازداد.
أو أصبح طبيعة
في بعض
الأشخاص. أو
لو كان ذلك في
نطاق الأسرة:
يعكر سلامها
باستمرار.
ويفقدها
الهدوء
والاستقرار.
وقد يضطر
الزوج إلي البعد
عن بيته وقضاء
الوقت مع
أصدقائه في
النادي أو في
مناطق النشاط
المتعددة
هرباً من
النكد في
البيت!
وإذا
استمر النكد
في الأسرة.
ربما يؤدي إلي
الانفصال أو
الطلاق. أو
البحث عن
الراحة
الفكرية
والعصبية
بأنواع وطرق
شتي. حتي
تستريح الأعصاب
من تأثير
النكد عليها.
ويشبه
الشخص النكدي
إلي حدّ ما.
بالشخص الكِشري.
الذي لا
تستريح
الأعصاب إلي
مجرد رؤية
ملامحه
المقطبة.
وبخاصة لو
تحوّل ذلك إلي
طبع دائم
عنده. بحيث أن
من يراه في
أحد الأيام
يصلي قائلاً:
سترك يارب.
اجعل هذا
اليوم يمرّ
علي خير!
***
11 -الأحزان
والضيقات:
إنها قد
تتعب الأعصاب
إذا تراكمت
وتعددت. بحيث
أنه ما يفيق
الإنسان من
ضائقة حتي
تلاحقه ضائقة
أخري. وكما
يقول الشاعر:
تأتي
المصائب حين
تأتي دفعة :.
وأري السرور
يحين في
الفتراتِ
ولهذا فإن
من تلاحقه
المتاعب.
يحتاج إلي
كلمة تعزية
تريح أعصابه
ونفسيته. أو
عليه أن ينساها
بقدر إمكانه
ولا يعاود
التفكير فيها.
فإن هذا يشكّل
ضغطاً علي
أعصابه.
أو أن يحيا
هذا الإنسان
في حياة
الرجاء.
وانتظار تدخل
الله الذي
يحوّل الشر
إلي خير. أو
يضع للتجربة
حدوداً من جهة
الزمن أو من
جهة الشدة.
فلا يجربه فوق
ما يطيق أو
يجعل مع
التجربة
المنفذ.
***
12
-الاضطهاد :
وقوع
إنسان تحت
اضطهاد يتعب
أعصابه. ويزيد
ذلك إن شعر
إنه مقصود.
وبغير سبب
يستدعي ذلك.
ويزيده أيضا
إن استمر.
وأصبح منهجاً
للتعامل. كما
يحدث أحياناً من
أستاذ نحو
تلميذه. بحيث
يفقده النجاح
أو التفوق. أو
إن حدث من
رئيس تجاه أحد
مرؤوسيه: في التعيين
أو الترقية أو
المعاملة. أو
ما يكتبه عنه
من تقارير
تؤثر علي وضعه
الوظيفي. أو
قد تضطره
أحياناً إلي
الاستقالة
والبحث عن عمل
آخر لكي يريح
أعصابه من
احتمال الضغط
المستمر
عليها في
معاملة مهينة
أو قاسية. أو
في إذلال دائم
وظلم مستمر.
***
13- التسلّط :
من يتعامل
مع إنسان
متسلط. تتعب
أعصابه: سواء في
محيط الأسرة
أو العمل. أو
حتي في مجال
الخدمة
والأنشطة.
إن الزوجة
تتعب أعصابها
من الزوج
المتسلط الذي
يحدّ حريتها.
ويقيدها في
دخولها
وخروجها وفي
كلامها. وفي
مصروفات
البيت أيضا.
وفي كل اتصالاتها..
كذلك فإن الاب
المتسلط يتعب
أعصاب أبنائه
بكثرة أوامره
ونواهيه.
وبتدخله
تدخلاً
متعباً في كل
تصرفاتهم.
بحيث يريد أن
يحركهم هم
وأمهم
بالريموت كنترول.
نفس الوضع
نقوله في مجال
العمل عن
الرئيس المتسلط.
***
14 -التعامل
مع أناس
متعبين
ليس كل
إنسان مريحاً
في تعامله. أو
مترفقاً أو
لطيفاً. فهناك
أنواع من
الناس يؤدي
التعامل معهم
إلي تعب
الأعصاب. بل
قد يوجد أناس
من النوع الذي
يقال عنه إنه
لا يطاق!
منهم
النوع
المخادع. إذا
انكشف خداعه.
وظهر أنه يقود
غيره في طرق
ضارة غير ما
يظهر منه.
كذلك المرائي.
ومن يقال إنه
بوجهين. ومن
يبدو أنه صديق
وهو عدو!
وأيضا
الإنسان
المتقلب الذي
لا يثبت علي
حال. والإنسان
الملتوي في
شخصه وفي
تصرفاته. وليس
هو صريحاً.
ولا تعرف قصده
ولا خططه.
إنما يدور بك
في سبع طرق.
تخرج منها.
دون أن تدري
أية الطرق هي
المقصودة!
وممن يتعب
الأعصاب:
الإنسان
اللحوح.
والإنسان
الضاغط.