الشر..في
سوء
الاستخدام
بقلم
قداسة البابا
شنوده الثالث
17/6/2003
جريدة
الجمهورية
إن الله قد
وهبنا عطايا
كثيرة. يمكن
أن تُستخدم في
الخير. ويمكن
أن تستخدم في
الشر.
هي في
ذاتها ليست
شراً. إنما
الخطية هي في
سوء استخدامها.
وسنضرب لذلك
بضعة أمثلة:
الحب
أعطانا
الله عاطفة
الحب. وهي
ليست خطأ في
ذاتها. بل الخطأ
هو أن تخلو
قلوبنا من
الحب. ومن
عظمة الحب أنه
قيل "الله
محبة".
والخطأ هو
أن نسيء
استخدام الحب.
ونوجهه توجيهاً
غير سليم.
الحب في أصله
يكون موجهاً
إلي الله.
وإلي الناس
داخل محبتنا
للّه. ويكون
موجهاً إلي
الخير وإلي
المثاليات.
وإلي السماء
والأبدية.
ولكننا
نخطيء إذا
أسأنا
استخدام الحب.
فأصبحنا نحب
العالم أو
الجسد أو
المادة أو
الذات. أقصد
إذا أحب
الإنسان ذاته
محبة خاطئة.
فليس خطأ
أن يحب
الإنسان ذاته
محبة روحية.
بأن يقودها
باستمرار إلي
التوبة والبر
والحياة مع
الله. ويجعلها
تستعد
للأبدية. وليس
أن تندمج في
شهوات أرضية.
***
المال
المال ليس
شراً في ذاته.
إنما الشر في
سوء استخدامه
فكثيرون
كانوا أغنياء
وأبراراً.
يستخدمون
مالهم في عمل
الخير.
وينفقون
المال في الانفاق
علي الفقراء
والمحتاجين
والجمعيات الخيرية.
ويساهمون في
المشروعات
البناءة. وفي
إعانة
المعوقين..
فكان ما لهم
سبب بركة لهم
ولغيرهم بحسن
استخدامه.
ولكن يصير
المال شراً.
إذا استخدم في
اللهو والعبث.
وفي شهوات
وملاذ الجسد.
أو إذا اعتمد
الإنسان عليه.
وصار مجالاً
للكبرياء
ولشراء ذمم
الناس.
فليس
عيباً أن
يمتلك
الإنسان
مالاً. إنما
العيب هو أن
المال يمتلك
الإنسان
ويسيطر علي
عواطفه وفكره.
***
الفن
ليس الفن
خطيئة في
ذاته. لأنه
يمكن
استخدامه في
الخير
أقول هذا
عن الشعر
والموسيقي.
والرسم
والنحت. وأقوله
عن الغناء.
وعن التمثيل
في السينما أو
المسرح. وسائر
الفنون
الأخري إذا
كان استخدامها
في الخير.
كان داود
النبي شاعراً
وموسيقياً.
ينظم مزاميره
شعراً.
والألحان
تستخدم في دور
العبادة. وفي
الترتيل
والتسبيح إذن
الغناء ليس
خطأ في ذاته..
ولكن إذا أسيء
استخدامه في
المجون
والعبث. حينئذ
يصبح خطيئة.
وبالنسبة
إلي الشعر
والموسيقي.
يتوقف الخير أو
الشر فيهما.
علي حسن
الاستخدام أو
سوء
الاستخدام. ونفس
الكلام نقوله
أيضا عن الرسم
والنحت.
أما
الرسامون
الذين يسيئون
استخدام
الموهبة إلي
إثارة
الغرائز
الجسدية.
فهؤلاء
يخطئون بسوء
الاستخدام.
وتبقي
الموهبة
صالحة إذا استخدمت
حسناً.
***
الخيال
هو أيضا
يتوقف خيره أو
شره علي نوعية
استخدامه.
فالخيال
الخير. هو
مصدر القصص
النافع
المفيد. والشعر
الروحي
المؤثر. بل قد
يكون مصدراً
صالحاً
للتأمل.
ويمكن
للإنسان أن
يسرح بخياله
في السماء والملائكة
والأبدية. بل
وفي صفات الله
نفسه وأسمائه.
ولكن
الخيال يصبح
شراً. إذا
أسيء
استخدامه. كما
في أحلام
اليقظة وتصور
الشرور في
الذهن
أي إذا سرح
خياله في
خطيئة.
***
الغضب
ليس الغضب
شراً في ذاته.
فهناك غضب
مقدس
والغضب
المقدس هو
الذي يمنح
الإنسان
الغيرة المقدسة.
والنخوة
والشهامة.
والدفاع عن
الحق.
ويبقي
الغضب مقدساً.
إن كانت
وسيلته مقدسة.
وكذلك دوافعه.
وهنا نفرّق
بين الغضب
والنرفزة.
فالنرفزة هي
تعب في
الأعصاب. وقد
يغضب الإنسان.
ويبقي في وقاره.
متزناً.
محتفظاً
بأعصابه.
ولكن إذا
أسيء استخدام
الغضب. يصبح
خطيئة
وذلك إذا
استخدم بدافع
شخصي. من أجل
كرامة ما أو
بقسوة. وبغير
سبب روحي يدعو
إليه. أو إذا
خلط هذا الغضب
بألفاظ غير
لائقة. أو
باحتداد. أو
بإهانات وجرح
شعور. أو بعنف
أو بظلم.. ففي
كل ذلك يصبح الغضب
خطية. لأنه قد
أسيء
استخدامه.
***
الطموح
الطموح
يكون خيراً.
إن كان سعياً
وراء الكمال:
ولولا
الطموح ما كان
النمو الروحي
في الفضيلة.
وما كان السعي
إلي قدام.
والصعود إلي
العلو..
والطموح يكون
خيراً إذا سعي
الإنسان أن
يكون ناجحاً
في كل ما تمتد
إليه يده...
أما إذا
أسيء استخدام
الطموح. بحيث
يصعد الإنسان
ولو علي جثث
الآخرين
وتحطيمهم..
حينئذ يصبح
خطيئة
لأنه هنا
يكون قد تحوّل
إلي صراع ما
بين الذات
والآخر
وتدخلت فيه
الأنا Ego.
وروح العظمة.
والعلو في
الماديات...
وكذلك إذا قاد
الطموح إلي
الحسد. أو إلي
الكراهية. أو
إلي التآمر
علي الآخرين
لاغتصاب
مراكزهم...
هنا نكون
قد أسأنا
استخدام
الطموح...
***
العقل:
العقل
موهبة من
الله.. ولكن من
الممكن
استخدامه في
الخير. كما
يمكن
استخدامه في
الشر...
فإذا ما
استخدم العقل
في خير
الإنسان
روحياً. وفي
خير البشرية
بصفة عامة.
وفي التوصل
إلي السلوك
السليم. حينئذ
يتحول إلي
حكمة طاهرة
نافعة...
ولكن
للأسف. فقد
يسيء البعض
استخدام
العقل. كما
يفعل الخطاة
والمجرمون.
وكما يفعل
الشيطان نفسه...
وهكذا قد
يستخدم العقل
في تدبير
المؤامرات.
وفي وضع الخطط
لإهلاك
الآخرين أو
لسلبهم.
ومثلما
يتباري العلماء
في اختراع
اسلحة
تدميرية
فتاكة.. وكما
يفعل أصحاب
الحيل
والدهاء
والفكر. بل
كما يدبر الشيطان
تدابير ليست
سهلة
المقاومة.
وهنا يكون
العقل قد أسيء
استخدامه.
واصبح أداة
للشر والتدمير.
وايقاع الضرر
بالغير.
***
الاختراعات:
هي نتاج
فكري عميق.
يمكن
استخدامه في
الخير وفي
الشر.
الطاقة
الذرية مثلاً.
التي استخدمت
في تدمير هيروشيما.
يمكن أن
تستخدم
سلمياً من أجل
خير البشرية.
فهي ليست شراً
في ذاتها.
ولكن الشر يكمن
في سوء
استخدامها.
ويسأل
البعض من
الساعين في
طريق البر: هل
الراديو والتليفزيون
حلال أم حرام؟
خير أم شر؟
وكذلك التمثيل؟
فنقول لهم:
يمكن استخدام
هذه
المخترعات في
الخير. إذا ما
أشرف علي
استخدامها
أناس روحيون حريصون
علي إنتاج
يهتم بنقاوة
القلب والفكر.
وبقيادة
المشاهدين في
طريق الخير.
ويمكن
لدور العبادة
أن يكون لها
مثل هذا الانتاج.
***
ودور
العبادة
حالياً
تستخدم
كثيراً من
المخترعات
الحديثة:
مثل
الميكروفونات.
ومكبرات
الصوت.
والفيديو. وأجهزة
التسجيل.
والانترنت.
وكافة
الأجهزة السمعية
والبصرية...
وبعضها
يستخدم أيضا
المسرح
والتمثيل
لأجل متعة
الناس روحياً
وذلك في تقديم
روايات دينية
أو اجتماعية
أو تاريخية أو
حتي قصص من
الخيال. ولكن
لهدف روحي له
سموه. المهم
أن تترك القصة
أو الرواية
تأثيراً
دينياً في
مشاهدها.
***
المادة:
المادة
ليست شراً في
ذاتها. ولكن
إذا أسيء استخدامها.
حينئذ تتحول
إلي شر...
كذلك إذا
أحبها الناس
أكثر من الله.
أو إذا سيطرت
محبتها في
قيادة
الإنسان. بحيث
يوصف بأنه إنسان
مادي.. أي أن
المادة
استخدمت
بطريقة قضت علي
روحياته
ومثالياته
ومحبته
للخير..
فالكحول
مثلاً ليس
شراً في ذاته
كمادة. بل يستخدم
أيضا في
العلاج كمادة
مطهرة. كما
يستخدم في
العطور...
وأيضاً في
الصناعات وفي
الوقود. ولكنه
إذا ما أسيء
استخدامه
كمادة للسكر
والإدمان وفي
إتلاف صحة
الإنسان
وإرادته. أو
في إشعال
الحرائق وما
شابه ذلك.
يتحول في كل
هذه الحالات
إلي شر...
النار
أيضا كمادة
يمكن أن
تستخدم للخير.
كاستخدامها
في الأفران
مثلاً. أما
إذا استخدمت
لحرق أملاك
الغير تصبح
شراً. ليس
لأنها شر في
ذاته. إنما في
سوء استخدامها
للشر.
***
الغريزة:
الغريزة
ليست شراً في
ذاتها. وإلا
ما كان الله
قد خلقها
فينا.
كما أن
المادة ليست
شراً في
ذاتها. وإلا
ما كان الله
قد خلقها.
إنما المهم أن
تسير الغريزة
في المجري
الطبيعي الذي
أراده لها
الله. ولا
يساء
استخدامها.
وموضوع
الغرائز
موضوع طويل.
ليس الآن
مجاله...
ونفس
الكلام يقال
عن الرغبات...
***
القوة:
القوة
لازمة لكيان
الإنسان.
ويمكن
استخدامها
للخير وإذا
أسيء
استخدامها.
تصبح شراً...
والدين
عموماً
يدعونا أن نكون
أقوياء. لكي
نؤدي
واجباتنا
كلها. ولكي
ننتضر علي
الشر
والإغراءات.
والإنسان
القوي في شخصيته.
هو إنسان نافع
للمجتمع الذي
يعيش فيه. ونافع
لأسرته. ونافع
لنفسه.. وهنا
أحب الناس المعني
الصحيح
للوداعة
والطيبة
والتواضع. وأنها
لا تعني
مطلقاً أن
يكون صاحبها
ضعيفاً..! بل
يكون قوياً مع
طيبة قلبه...
كذلك
القوة إذا
أسيء
استخدامها.
وتحولت إلي لون
من البطش
والعنف
والاستبداد
والتسلط. أو إلي
الإرهاب تصبح
شراً.
وهنا نميز
بين القوي
العادل
النافع. وبين
القوي
المغلوب من
نفسه. المتسلط
علي غيره..
حقاً إن كل
شيء نافع.
يمكن أن يتحول
إلي شر. إذا
أسيء
استخدامه..
***
الحرية:
لا أظن أن
أحداً في
العالم يقول
عن الحرية إنها
شر.
ولكنها
بلا شك إذا
أسيء
استخدامها
تتحول إلي شر.
كأن
يستخدم
الإنسان
حريته في فعل
ما لا يليق. أو
تكون الحرية
بغير ضابط
خلقي. أو
تتحول إلي لون
من الاستهتار
واللامبالاة.
أو أن يستخدم
حريته في
إقلاق
الآخرين
وإزعاجهم. أو
أن يكون عثرة
لهم. أو سبباً
في سقوطهم.. أو أن
يعتدي علي
حقوق غيره أو
حرياتهم.
أو أن
يستخدم حريته
في إهلاك
نفسه. كمن
يدمن الخمر أو
التدخين أو
المخدرات. أو
كالتلميذ الذي
يستخدم حريته
في اللهو
واللعب. ويهمل
دروسه فيفشل
ويرسب!
كذلك من
يستخدم حريته
ضد القانون
والنظام العام
في كل هذه
الأمثلة
واشباهها.
يساء استخدام
الحرية. بلون
من الخطيئة