اللجوء
إلي الله
بقلم
قداسة البابا
شنوده الثالث
8/4/2003
جريدة
الجمهورية
كيف يمكن
حلّ مشكلة
الحرب
القائمة؟
لقد فشلت
نواح عديدة.
لجأت اليها
الهيئات والدول:
** لجأوا
إلي الشرعية
الدولية. وإلي
الاتفاقات
الرسمية. وإلي
عديد من
الاتصالات.
فماذا نفع كل
هذا؟
** ولجأوا
إلي مجلس
الأمن. وإلي
هيئة الأمم
المتحدة.
وأحياناً
كانت تصدر
قرارات
"وللأسف مع ايقاف
التنفيذ!!" أو
قد لا يمكن
الوصول إلي
قرار. أو قد
تجمع
الغالبية علي
قرار. ثم يلغي
الفيتو كل شئ.
ويخرج
المجتمعون
بلا شئ.
** وظن
البعض انه
بتصريحات
معينة يمكن
المساهمة في
حل الإشكال
القائم. وكانت
تصريحات من شخصيات
كبيرة. ومع
ذلك لم تساهم
التصريحات في
حل المشكلة.
وكذلك
البيانات.
** وازدحمت
الجرائد
بالأخبار
والمقالات.
بعضها مثيرة
أو مثيرة
جداً. وبعضها
هادئة فيها
روح البحث
والتحليل. كما
ازدحمت وسائل
الاعلام بأخبار
صادقة. وبعضها
بأخبار أخري
متناقضة.
وبقيت المشكلة
كما هي. أضيفت
اليها بعض
البلبلة
وكثير من القلق.
ومن الاضطراب.
والتفكير في
سؤال خطير:
وهو: ماذا
ستراه سيحدث
غداً؟
** وقامت
مظاهرات
صاخبة في كثير
من البلدان تنادي
برغبات
وبأحكام.
وأحياناً
كانت المظاهرات
ثائرة. وقد
نُشرت لها
صور. وعلي
الرغم بقيت
المشكلة قائمة
كما هي. ولم
تستطع
المظاهرات أن
تحلها..!
* * *
وعادةً
كلما يعجز
البشر عن
إيجاد حلّ.
ينتظرون حلاً
يأتي من فوق..
فيفكرون في
اللجوء إلي الله.
بالصلاة...
يقولون: قد
تعبنا من
الانتظار
والتوقع. ومع
قراءة
الجرائد والجلوس
أمام شاشة
التليفزيون..
بل تعبنا من
الأخبار كلها
بصفة عامة.
وكيف انها
تلعب بالأعصاب.
وتشدها تارة
إلي هنا.
وتارة إلي
هناك.. وكل قيادة
تحاول أن
تشعرنا بأن
مجريات
الأمور في صالحها.
وأنها ممسكة
بزمام
الموقف.. ثم
يحدث عكس ذلك..!
وتستمر الحرب
النفسية من الجانبين.
وأخبار
الموت
والدمار.
وأخبار القصف
والانفجار.
تدوي في أذهان
الناس
وأعصابهم.
مثلما تدوي في
ساحة القتال.
ويري
البعض ان تتبع
أخبار الحرب.
عبارة عن حرب
أخري
للسامعين
والمشاهدين
والقراء.
ويودون لو
يبعدون عنها.
ولكنها
تجذبهم مرة
أخري.. وأخيراً
يتجهون إلي
الله.
* * *
الله هو
القادر أن
يغير الحال.
وأن ينهي
الوضع. هو
الذي يفتح ولا
أحد يغلق.
ويغلق ولا أحد
يفتح...
كل شئ في
يديه. وهو علي
كل شئ قدير...
هو يعرف ما
هو كائن. وما
سيكون. وما
ينبغي أن يكون
دفة الكون في
يده. يستطيع
أن يوجهها
حسبما يشاء...
وقلوب القادة
في يده.
وعقولهم
أيضاً. وما
أسهل عليه أن
يحوّلها
لتتفق مع
مشيئته
الصالحة.
اننا نلجأ
إلي الله.
لانه صاحب
النفوس وصاحب
الأرض. وكما
يقول داود
النبي في
المزمور
"للرب الأرض
وملؤها.
المسكونة وكل
الساكنين
فيها"...
هو مدبر
الكون. ولا
شريك له في
تدبيره...
ونحن نقول
له: هذه
النفوس التي
تموت كل يوم.
أليست هي من
خليقتك؟ وهذه
الأرض التي
تُدمر: أليست
هي من صنعك؟
وكل المعرضين
للضياع.
أليسوا يصرخون
اليك؟
إننا نضع
الأمر في يدي
الله. وننتظر
رحمته وحكمته..
ونثق ملء
الثقة بهذه
الرحمة
الالهية وهذه
الحكمة.
* * *
لماذا يهمل
الناس الصلاة.
بينما هي
الحلّ
المتاح؟! هي
طاقة الرجاء
المفتوحة
أمامهم. يطلّ
منها الفرج..
الصلاة هي
جسر يوصل بين
السماء
والأرض...
هي سلّم
مرتفع إلي فوق
يصعد بصاحبه
ليتحدث إلي
الله. الصلاة
هي مفتاح
السماء. ولا
يوجد مفتاح
غيرها.
هي غذاء
الملائكة.
وانشودة كل
الجنود
الروحانية.
كلمة
"صلاة"
مأخوذة من
الصلة. لأنها
صلة بيننا
وبين الله.
وهي التي
توصلنا إليه...
الصلاة
مفتاح لكل باب
مغلق.
هي إحساس
بالوجود في
الحضرة
الالهية. وهي
مشاعر القلوب
المتجهة نحو
الله. تناديه
باعتباره
معيناً لمن
ليس له معين.
ورجاء لمن ليس
له رجاء.
وبروح
الصلاة تتبدد
أمام الناس كل
ضيقة. وتسهل
كل صعوبة.
ويتضاءل
القلق واليأس.
ويملأ القلب
شعور بأن الله
قادر علي كل
شئ. وأن غير
المستطاع عند
الناس. هو
مستطاع عند
الله.
* * *
إنما
ينبغي أن تكون
الصلاة نابعة
من القلب
وليست
خارجة من
الشفتين. بينما
القلب بعيد عن
الله!
الصلاة هي
قلب يتكلم. أو
هي قلب يصرخ
أو قلب يئن.
حتي لو كانت
الشفتان
صامتتين...
والله
يدرك ما في
القلوب. وما
تريد أن تعبرّ
عنه. أكثر مما
يتحدث به
اللسان. وربما
يرتفع القلب
إلي الله بدون
كلام... ويتحدث
القلب بمشاعره.
وليس بمجرد
الألفاظ..
ونحن نريد
قلوباً ترتفع
إلي الله.
وتقول له في
ثقة وفي
إيمان... الحل
هو من عندك.
وليس لنا
سواك...
أنت القوة.
وأنت المعونة.
وأنت المنقذ.
* * *
ولكن هل كل
قلب يعرف كيف
يصلي؟
وهل كل
صلاة هي
مقبولة أمام
الله؟
الصلاة
المقبولة عند
الله. هي التي
تصدر من قلب
نقي له صلة
عميقة بالله.
وله دالة
عنده... وله حياة
شخصية مقبولة
تجعل صلاته
مقبولة...
صلاة تخرج
من قلب لا
يعرف الحقد
ولا الكراهية.
ولا يعرف الشر
ولم يَسِر
فيه. ولم
يُسرّ به.
الإنسان
المقبولة
صلاته. هو
الإنسان الذي
يحيا في صلح
مع الله. لم
يعصَ في يوم
وصاياه. وإن
عصاه يتوب.
ويعود إلي
الله ملتمساً
رضاه...
وهكذا فإن
طلبة البار
تقتدر كثيراً
في فعلها...
صلاته هي
تدشين لشفتيه
ولفكره. وهي
طهارة صادرة
من قلبه
النقي. فيها
حرارة الطلب.
وكأنها لهيب
صاعد إلي فوق..
فإن كنا
نصلي ولا
تستجاب
صلواتنا.
فلنبحث ما الذي
يعوق دخولها
إلي عرش
الله؟! ألعل
خطايانا عائق
أمام
صلواتنا...
* * *
إننا نعيش.
في عالم خاطئ
مبتعد عن الله
لذلك
ابتعدت نعمة
الله عنه.
وتركته يحصد
ما زرع تركته
يأكل بعضه
بعضاً. ويدمر
بعضه بعضاً...
ويتمني كل
فريق الشر
للفريق الآخر.
ويفرح بالقضاء
عليه!
متي يعود
النقاء إلي
قلوبنا. فيقبل
الله
صلواتنا؟
متي نرجع
إلي الله.
فيرجع الله
الينا. ويحنو
علينا؟
متي نجد
الطريق
مفتوحاً أمام
صلواتنا. تدخل
إلي الله بدون
أي عائق منا.
وتكون مسموعة
في السماء؟
* * *
إن كنا
نلجأ إلي الله
بالصلاة.
فإننا أيضاً
نلجأ إليه
بالتوبة.
والتوبة
هي مفتاح آخر
يفتح أبواب
السماء...
وإن
اجتمعت
الصلاة
والتوبة. تكون
لهما فاعلية
كبيرة...
كيف ان
يتوب الانسان.
حتي لو لم
يصلّ. سوف
يستجيب الله
لتوبته. ولكنه
كيف يتوب بدون
صلاة؟! وله
عوائق في
داخله من
رغباته ومن
قساوة قلبه وانحرافاته!!
إن لم
يستطع التوبة.
فليصلّ
قائلاً
"توبني يا رب
فأتوب"...
فهو يصلي
لكي يساعده
الله علي
التوبة. وهو
يتوب لكي يقبل
الله صلاته.
الأمران
يعملان معاً.
ومع أن
الصلاة لا
تكون مقبولة
إلا إذا صدرت
من قلب تائب.
إلا أن
الانسان لا
ينتظر حتي
يتوب ثم يصلي!!
بل الأحري به
أن يصلي لكي
يساعده الله
علي التوبة...
* * *
والصلاة
لازمة أيضاً
كلما أحدقت
الأخطار بالإنسان
ولا سيما
خطر الموت.
ولذلك قال
الشاعر
محذراً.
قبورنا
تُبني وما
تبنا - يا
ليتنا تبنا
قبل أن تُبني.
لذلك
فإنني أسأل:
هل أولئك
المتحاربون
يصلون. بينما
خطر الموت
يطلّ عليهم؟
أم تراهم
يعتمدون كل
الإعتماد علي
أسلحتهم لا علي
صلواتهم؟!
بينما الصلاة
هي أقوي سلاح
ينبغي أن
يعتمد عليه
الإنسان..!
أم تُري كل
فريق يصلي
ويقول
"ساعدني يا رب
أن أقتل أخي"
طبعاً سوف لا
يستعمل هنا
كلمة "أخي". لأنه
في ساحة الحرب
ينتفي الشعور
بالأخوة الإنسانية
بين
المتحاربين...
* * *
لذلك ونحن
نتحدث عن
الصلاة في هذه
المرحلة. نشير
إلي أنه من
شروط استجابة
الله. أن تكون
موافقة
لمشيئة الله...
ومشيئة
الله كلها
خير. بل هي
الخير
المطلق...
ونحن في
صلواتنا. لا
نطلب إلا
الخير... الخير
لكل أحد.
وكذلك
وسيلة الخير.
ينبغي أن تكون
هي أيضاً
خيراً...
فما هو
الخير الذي
تريده يا رب
من كل هذا؟ أم
انك لا تريد
شيئاً من كل
هذا؟
ما هي
مشيئتك الآن؟
وما هي مشيئتك
بعد الآن؟ في
المستقبل
الآتي. أو في
المستقبل
البعيد...
وإن كان
العالم يا رب
لا يعمل ما هو
وفق مشيئتك.
فكيف تقوده
اذن لتنفيذ
مشيئتك علي
الأرض؟
أعلن لنا
يا رب ما
تريده. ونفّذ
يا رب ما
تريده.
* * *
الصلاة
أيضاً لكي
تكون مستجابة.
ينبغي أن تكون
بايمان
نؤمن أن
الله يسمعنا.
ويحبنا. ويحب
لنا الخير. ويستجيب
لنا في كل ما
يراه خيراً
لنا. وهو يعطينا
ما نصلي لأجله
بإيمان.
فإن لم يكن
لنا الإيمان
في صلواتنا.
فلنصلّ لكي
يهبنا الرب هذا
الإيمان.
فالإيمان
يعطي الصلاة
قوة. واستجابة
الصلاة تقوي
الإيمان.
فأعطنا يا رب
أن نؤمن بأنك
تعمل خلال
الأحداث. سواء
ظهر هذا لنا الآن.
أو سيظهر فيما
بعد.
أعطنا أن
نؤمن أنك لم
تتخلّ مطلقاً
عن العالم.
ولن تتخلي.
وأنك ستدبر كل
شئ لكي يؤول
إلي الخير.
وحتي ما نراه
شرّاً. تستطيع
أن تحوّله
بقدرتك
وبحكمتك إلي
خير...
إن عيوننا
كبشر قاصرة عن
رؤية وفهم كل
ما يحدث
أمامنا. وهي
بلاشك أشد
قصوراً عن
رؤية ما سيحدث
في المستقبل.
ولكننا
مهما حدث وما
سوف يحدث.
نؤمن أن
العالم كله في
يديك. وكله
خاضع لتدبيرك.
وانك لابد
ستفعل خيراً.
* * *
اعطنا يا
رب أن تتفق
صلواتنا مع
مشيئتك الالهية
واعطنا أن
لا نملّ من
الصلاة. إن
تأخرت استجابتك
وامنح
صلواتنا أن
تكون مقبولة
أمامك مهما كنا
غير مستحقين
لذلك. وارحم
العالم
المتقد ناراً
واضطراباً...
امنحه
سلاماً
وهدوءاً…