الشـــــك
بقلم
قداسة البابا
شنوده الثالث
20/4/2004
جريدة
الجمهورية
الشك
جحيم للفكر
والقلب معاَ
قد يكون دخوله
إلي الذهن
سهلاً. ولكن
من الصعب أن
يخرج منه!
والشك يجعل
الإنسان يفقد
سلامه. ويفقد
طمأنينته
واذا استمر
الشك. يتحول
إلي مرض. وإلي
عقد لها نتائجها..
وهذا الشك قد
يتلف الأعصاب.
ويدعو إلي الحرية
وكثرة
التفكير.
ويمنع النوم.
ومن نتائجه أيضاً
التردد
والخجل. وعدم
القدرة علي
البتّ في
الامور.. وهو
حالة من عدم
الثبات وعدم
الرؤية..
والشك علي
أنواع كثيرة.
منها الشك في
الدين والله
والعقيدة.
والشك في
الناس. وفي
الأصدقاء بل
الشك في النفس
أيضاً. والشك
في الفضائل.
وفي امكانية
التوبة. والشك
في طريق
الحياة.
***
أنواع
الشك
1 منها الشك في
وجود الله أو
في بعض صفاته
وهذه حرب
فكرية مصدرها
الشيطان. وهي
دخيلة علي
الانسان.
وربما تأتي في
سن معينة. وقد
يكون مصدرها
بعض كتب
الفلسفة. أو
أفكار
الملحدين
ومعاشرتهم. أو
المناقشة في
أمور أعلي من
مستوي قدرات
الإنسان. أو
من بحوث
منحرفة في ما
وراء الطبيعة:
في بعض
العلوم. أو في
تاريخ الكون
ونشأته. وقد
يثيرها أشخاص
بمبدأ "خالف
تعرف"..! وقد لا
يكون الشك في
وجود الله.
وإنما في
معونته ورحمته
وحفظه. كإنسان
يصاب بمرض
خطير من الصعب
الشفاء منه .
وله آلامه
الشديدة.
فيشكّ في رحمة
الله! أو
انسان يقع في
ضيقة معقدة.
ويصلي من أجل
النجاة منها.
ولا يجد
استجابة
لصلاته. فيشكّ
في جدوي
الصلاة!
***
2 الشك
في العقيدة:
قد يكون هذا
نتيجة التعرض
لمشكلة تفسيرية
لا يعرف الشخص
لها حلاً
فيشك. أو
الدخول في
مناقشة غير
متكافئة مع
محاور من
عقيدة مخالفة.
فيكون الشك هو
نتيجة تلك
المناقشة.
وبالمثل
قراءة كتب أو
نبذات لعقائد
أخري تثير الشك
أيضاً..
ويحدث هذا كله
مع أشخاص غير
راسخين في
عقيدتهم. أو
غير دارسين
لها. وعلاج
هذا الأمر هو
الرجوع لذوي
المعرفة
والخبرة.
ونلاحظ من جهة
العقيدة
موضوع
المعجزات
التي قد لا
تحدث للبعض
بسبب الشك.
بينما تحدث
للبسطاء
الذين
يصدقونها.
وعموماً فإن
المعجزات قد يشك
فيها الذين
يبحثونها من
الناحية
العلمية
البحتة. وليس
من جهة
الإيمان الذي
يقبلها..
ومثل
المعجزات
موضوع قيامة
الأموات. وما
يتعلق بالخلق
من العدم.
وبالوحي. وما
أشبه..
***
3 الشك
في وفاء
الأصدقاء وفي
مدي أمانتهم:
هذا النوع من
الشك سببه قلة
الثقة أو قلة
المحبة. لأنه
من الطبيعي
اذا احب شخص
صديقا له محبة
حقيقية. فإنه
يثق به ولا
يشك فيه. علي
أن مثل هذا
الشك ربما
يأتي نتيجة
وشايات الناس
والعلاج هو
المواجهة. بجو
من الصراحة الممزوجة
بالمحبة.
وكذلك عدم
التأثر
بالسماعات
والوشايات.
وعدم تصديق كل
ما يقال.. لأنه
كثيرا ما يكون
الإتهام
مبينا علي
ظلم. مهما
كانت تبدو
الدلالات واضحة..!
ولا يصح الحكم
علي صديق.. أو
أي أحد.. حكماً
سريعاً. بدون
الاستماع
إليه وإعطائه
فرصة لتوضيح
موقفه..
وليس سهلاً
إتهام صديق
بالخيانة أو
قلة الأمانة..
وأصعب من هذا
اتهام الزوجة
أو الزوج بالخيانة
أيضاً. أو
الشك فيه..
***
4 الشك
في الناس:
ربما خطأ فردي
يُطبق علي
الكل!! خطأ فرد
في جماعة.
يُطبق علي كل
الجماعة!! أو
سقطة فرد في
أسرة. تجلب
الشك في كل
أعضاء الأسرة.
وربما يكون
بعض أفرادها
صالحين أو
باقي أفرادها
علي عكس ذلك
الذي سقط.. فقد
يحدث أحياناً
أن إنساناً لا
يتزوج من فتاة
فاضلة في
أسرة. بدافع
الشك. لأن لها
أختاً أو
قريبة قد
أخطأت..!
بل قد يتمادي
الشك حتي يشمل
شعباً بأكمله
أو بلداً
بأكمله! فيقول
شخص لا أتعامل
مع فرد من الشعب
الفلاني
لأنهم يتصفون
بصفة معينة
تجعلني أشك
فيهم..!
***
5 الشك
في بعض
الفضائل:
سواء في
لزومها أو في
امكانياتها.
كأن يشك انسان
في فضيلة
التضحية أو
إنكار الذات.
أو فضيلة
التواضع.. أو
يشك شخصا في
فضيلة
الاحتمال.
ويقول إنها
تتنافي مع قوة
الشخصية. أو
في فضيلة
التسامح
إدعاء بأنها
تشجع علي
تكرار الخطأ.
سواء من الشخص
نفسه أو من
غيره..! أو كأن
يتشكك انسان
قائلاً: ما
لزوم الصلاة؟
وهل الفضيلة
الجسدية لها
قيمة؟ وما
معني أن
الحرمان
فضيلة؟ وهل
الدين هو
سلسلة من
أنواع
الحرمان
والضغوط؟ وما
لزوم الصلاة مادام
الله يهتم
بنا. حتي دون
أن نصلي وأن
نطلب؟
***
وقد
يأتي الشك من
جهة المبادئ
والقيم:
الشك في ما هو
الحلال؟ وما
هو الحرام؟
وما هوالجائز
والممنوع؟
الشك في أشياء
جديدة علي
المجتمع. مثل
تنظيم النسل
أو أطفال الأنابيب..
أو قتل
الرحمة!!
والشك في بعض
المخترعات
الإعلامية
مثل
التليفزيون
والراديو
والسينما..
وهل هي حرام
أم حلال؟
والشك في
أرباح البنوك.
وفي مضاربات
البورصة. وفي
الأغاني
والموسيقي
وفي أنواع
الحفلات والسهرات.
وإلي أي مدي
تجوز؟
والواقع أن
كثيرا من هذه
الموضوعات -
حسب نوعية
استخدامها -
يُحكم عليها
بالحلال أو
بالحرام..
فالسينما حسب
نوعية ما يعرض
فيها من
أفلام. يكون
فيها الخير أو
الشر. وكذلك
التليفزيون.. وبنفس
المقياس. نحكم
علي الموسيقي
وعلي الأغاني
وعلي كثير من
الترفيهات.
ومع ذلك فإن
عقول بعض
الناس قد
تتشكك. حسب
نوعية
تربيتهم..
***
6 الشك
في ما هو
النافع؟ وما
هو الضار؟
انسان قد يكون
في مفترق
الطرق. ولا
يعرف ما هو النافع
له: هل يلتحق
بهذه الكلية
أم تلك؟ وبعد
التخرج هل
يناسبه العمل
الوظيفي أم
العمل الحر؟
وهل يتزوج هذه
الفتاة أم
تلك؟ أم يؤجل
سن الزواج حتي
يكون مستقبله.
ويستقر
اقتصادياً..
وتظل الأفكار
والشكوك تلعب
بذهنه وتسبب
له الحيرة..
وبنفس الوضع
في تعامله مع
بعض الناس: هل
يصلح أسلوب
الحزم أم
أسلوب الرقة
واللطف؟ ومتي
يتكلم ومتي
يصمت؟ وإن
تكلم فبأي
اسلوب؟ وإن
صمت. فهل يكون
صمته حكمة أم
ضعفاً؟.. ما
الذي ينفعه في
كل ذلك أو ما
يضره؟! هنا
الشك
والحيرة..
7 الشك في
النفس:
أحيانا يشك
الانسان في
نفسه. فلا
تكون له الثقة
في نفسه. ولا
في قدراته
وإمكانياته..!
كالطالب الذي
يشك في قدرته
علي النجاح أو
قدرته علي التفوق!
أو يشك في
كفاية الوقت
الباقي له علي
الإمتحان! أو
شخص يشك في
تصرفاته هل هي
سليمة أم
خاطئة؟ أو فتاة
تشك في هل هي
محبوبة من
الناس أو غير
محبوبة؟.. أو
عضو في مجتمع
يشك هل هو
موضع الرضا؟..
أو مرشح في
انتخاب معين :
يشك هل سينجح
أم سيفشل؟ إن الطفل
قد يشك في ما
يفعله: هل هو
مقبول أو غير
مقبول؟ ولهذا
فإننا نعطيه
الثقة في نفسه
بالمديح
والتشجيع. ذلك
لأن التربية
القاسية
وكثرة
التوبيخ علي
الأخطاء. قد
تولد عقدة
الشك في نفسه..
حتي الكبار
يحتاجون أيضا
إلي التشجيع
وإلي كلمة
تقدير. وإلي
رفع روحهم
المعنوية.
وبخاصة إن
كانوا في حالة
مرض أو ضيق. أو
في مشكلة أو
أزمة.. حتي لا
يدركهم اليأس.
وحتي لا يقول
الواحد منهم:
لا فائدة. قد ضللت..!
وهكذا يشك في
مصيره..
***
8 الشك
أثناء
المراحل
المصيرية:
بعض الناس:
تكون المراحل
المصيرية
أمامهم محاطة
بالشكوك.
وطريقهم غير
واضح لهم.
يقفون أمامه
في حيرة
وتساؤل.
عاجزين عن
البت وإتخاذ
أي قرار.. وقد يلجأ
بعضهم إلي
الاستشارة.
ويستمر معه
الشك. أو يلجأ
إلي القرعة.
ويستمر أيضا
في الشك.. الأمر
يحتاج الي
الثبات في
الهدف وفي
الوسيلة. وفي
المبادئ
والقيم.
ويحتاج أيضا
إلي معرفة
بالنفس. وإلي
صراحة في
مواجهتها.
وتحديد
اتجاهاتها
وامكانياتها.
أما الشك في
القدرة.
فيحتاج إلي
العزيمة والتشجيع.
والي الصلاة
حتي يمنح الرب
قوة. ويحتاج احياناً
إلي روح
المخاطرة..
***
أسباب
الشك:
قد تكون
الأسباب
داخلية نابعة
من طبيعة الانسان
نفسه. وقد
تكون للشك
أسباب خارجية
سببها البيئة.
وحروب
الشياطين.
وأنواع من
الضيقات..
* قد يكون
الانسان
بطبيعته
شكاكاً أو
موسوساً.
وطريقته في
التفكير تجلب
له الشك. أو قد
يكون ضيق
التفكير ليس
أمامه سوي
الشك.
* وقد يكون
انسانا
بسيطاً يقبل
كل ما يقال له
فيقع في
الشكوك.
* كذلك الخوف
والشك
يتلازمان في
كثير من الأحوال.
فيكون أحدهما
سبباً
والثاني
نتيجة. فالخوف
يجلب الشك.
والشك يكون من
نتائجه الخوف.
* وقد يأتي
الشك بسبب
الوهم. كانسان
يتوهم أن رقم 13
وراءه شر:
فيدخله الشك
في كل يوم
يكون تاريخه
رقم 13 أو
مضاعفاته.
ويشك أن كان
رقم 13 متداخلا في
رقم بيته أو
تليفونه أو
الطلب الذي
يقدمه لوظيفة!
***
* وقد
تأتي الشكوك
أيضاً
بمعاشرة
الشكاكين. فتنتقل
العدوي منهم.
* كما يأتي
الشك أيضاً من
حروب
الشياطين. أو
من الناس
المتعبين.
فالشيطان
يعرف جميع
الشكوك التي
مرت علي العالم
من آلاف
السنين.
ويمكنه أن
يحارب
الإنسان بها
في كل شئ: من
جهة الإيمان
أو العلاقة
بالآخرين. لكي
يبلبل فكره
ويزعجه
ويلقيه في
حيرة..
* ومن المصادر
التي تجلب
الشك أنواع من
القراءة. لأن
هناك كتّابا
هوايتهم أن
يشككوا
القارئ أن
المسلمات
الثابتة.
إظهار لأنهم
يعرفون أكثر.
* كذلك
الشائعات قد
تجلب شكوكا.
وربما تكون في
غالبيتها غير
صحيحة.
***
* وقد
يأتي الشك
بسبب الضيقات
وطول مدتها:
إن الضيقات
تحتاج إلي قلب
قوي لا تلعب
به الشكوك..
لأنه إن طالت
المدة في
الضيقة. ووصل
صاحبها إلي
اليأس. فقد
يشك في رحمة
الله. أو يشك
أن هناك "عملاً"
قد عُمل له.
ويبدأ في
زيارة
المشعوذين
ليفكوا له هذا
العمل
المزعوم!!
* أو قد يأتي
الشك بسبب
تعميم الخطأ:
كفتاة تعيش في
بيت مملوء
بالنزاع
والمشاجرة بين
أبيها وأمها.
فتخاف من
الزواج. وتشك
في أنها إذا
تزوجت ستقع في
نفس المصير.
وأن كل رجل ستتزوجه
ستكون
معاملته لها
مثل معاملة
أبيها وأمها.
وبهذا تحيا
حياة كلها
شجار ونزاع
وألم..!
أو كإنسان قال
سراً لصديقه
فأذاعه وسبب
له حرجاً.
حينئذ يشك في
جميع
الأصدقاء
واخلاصهم. وربما
تكون النتيجة
أنه ينطوي علي
نفسه. ولا يقول
كلمة سر لأحد
من الناس.
مهما كان
قريبا إلي قلبه!!
* وقد يكون سبب
الشك شدة
الحساسية والانحصار
في سبب واحد:
مثل أم تتأخر
ابنتها عن
موعد عودتها
إلي البيت.
فتشك أنه قد
أصابها حادث.
أو أن احدا
خطفها. أو حدث
لها سوء من أي
نوع. وتظل
قلقة حتي
تعود! وربما
يكون قد دخلها
الشك في أنها
ستعود!!
والعجيب أن
المنحصرين في
سبب واحد.
غالباً ما يتخيرون
أسوأ الأسباب
التي تتعبهم
وتبلبل
أفكارهم.