ومرةً أخرى

رعاية الشباب

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث

29 أبريل 2006

جريدة أخبار اليوم

نسأل أولاً: ما هو نطاق الشباب الذى تلزم رعايته ؟

هو كل الشباب: بدءاً من الشباب فى التعليم الثانوى، إلى شباب الجامعات المصرية وكل كلياتها، والمعاهد العليا، وشباب الجامعات الأجنبية: الامريكية والانجليزية والألمانية والفرنسية. وشباب الخريجين سواء فى الوظائف أو فى البطالة. وشباب العمال فى كل الهيئات العمالية، وشباب الريف، وباقى الشباب الحرّ والمستقطب. وكذلك العاملة فى محيط الشباب، مثل جمعية الشبان المسلمين، وجمعية الشبان المسيحية، واسقفية الشباب فى الكنيسة القبطية الارثوذكسية.

وهكذا نرى الدائرة قد اتسعت أمام المجلس الأعلى لرعاية الشباب فى مصر.

****

الأمر يحتاج إلى لقاء مع الشباب على أوسع نطاق:

لا أن نكلمه وهو يسمع، بل أن يتكلم هو أيضاً ونحن نسمع... وندخل معه فى حوار واضح، وأخذ وردّ، قاعدته هى الصراحة الكاملة، ووسيلته هى الاقتناع. نحن نريد أن نعرف ما فى داخل الشباب من مشاعر ومن أفكار، ونناقشها معه، ونخرج بحلول يرضى عنها الكل...

****

وكما يلزم اللقاء مع الشباب، يلزم اللقاء مع كل قادة الشباب

اولئك الذين لهم تأثير عليه، والذين يغرسون فى نفسه أفكاراً معينة، ويحفّزونه إلى عمل شئ، ويثق الشباب بهم ويخضع لتوجيههم. سواء كانوا قادة فى معاهد العلم كمعيدين أو مدرسين أو أساتذه فى الكليات، أو كانوا موجهين على المستوى الاجتماعى، فى الجمعيات أو الهيئات... فاللقاء مع القياديين أمر هام.

لأنه لا يكفى أن نناقش فكر الشباب، دون أن نناقش مصادره! وقد تكون هذه المصادر شخصيات أو كتابات أو مصادر اخرى سمعية. المهم هو معرفة الأجواء التى تحيط بالشباب وتؤثر عليه فكريا وإرادياً، مما لا يجوز تجاهله. وكما يقول الشاعر:

          متى يبلغ البنيان يوماً تمامه          اذا كنت تبنيه وغيرك يهدمُ ؟!

****

هنا ونسأل فى صراحة: ما مركز الشباب حالياً فى اهتماماتنا؟

ما مركز الشباب فى وسائل الإعلام؟ هل له برنامج خاص يتحدث فيه ويحاور ويناقش؟ ما مركز الشباب فى الصحافة؟ وهل له صفحة معينة؟ أو يُعطى مجالاً للتعبير عن نفسه؟ ما مدى اهتمام الكبار به؟ بل أيضاً ما مركز الشباب عملياً فى الأحزاب السياسية؟ هل له لجان فيها وفروع تمثله فى كافة المحافظات والمدن؟

أم نقول "لا علاقة للشباب بالسياسة!!". سواء أردنا أو لم نرد، لهم علاقة رضينا عنها أو لم نرضَ. فإن كنا لا نقوم نحن بتوجيههم فى هذه الناحية، سيقومون بدون توجيهنا أو بتوجيه غيرنا، ويجتمعون ويتظاهرون ويهتفون. ونحصد النتيجة...

هل نترك الشباب بدون توجيه؟ ثم نعهد إلى السلطات الأمنية بضبط الأمور؟ وتصطدم بالشباب، ويصطدم الشباب بها!! ويبدو أنه لا يوجد تنسيق بين كافة الأجهزة، التى من المفروض أن تسير كلها فى اتجاه واحد...

****

ليس المفروض فقط الاهتمام بالشباب، بل بالأكثر العمل على اعادة قادة من الشباب لهم فاعلية...

فكما يوجد لكل مهنة نقاباتها، وكما يوجد لكل هيئة قادتها، كذلك ينبغى أن توجد قيادات للشباب. ولكى توجد هذه، ينبغى أولاً إنشاء لجان للشباب تحت قيادة من الكبار، وتدريب أعضاء هذه اللجان حتى يتولى أمرها من يقودها من بين أعضائها...

ويكون لكل هؤلاء فكر واحد، وإتجاه واحد، يسعى كله لخدمة الشباب وحلّ مشاكله، ولخدمة الوطن بوجه عام.

****

نتدرج الآن إلى عمل مراكز الشباب:

أولاً، هل توجد مراكز كافية لاستيعاب هذا العدد الكبير من الشباب؟ وهل لها إمكانيات كافية لتشمل كل طاقات الشباب وأنشطته؟ وهل لها الدعم المالى الذى يساهم فى حل ولو بعض مشكلات الشباب؟ وهل أمام هذه المراكز خطة معينة عملية فى النهوض بالشباب؟

أمامها أولاً تجميع الشباب، ثم تثقيف الشباب وتوجيهه، وإن أمكن استخدام طاقات الشباب وتشغيله فى ما يفيد.

****

نريد أن نسمع عن ندوات للشباب ذات فاعلية:

ندوات عامة، فى قاعات كبيرة، يحضر فيها الآلاف من الشباب، للاشتراك فى بحث موضوعات منتقاه تهمهم وتهم الوطن كله. لا يكونون فيها مجرد مستمعين، إنما يتكلمون أيضاً ويناقشون، ويخرجون بتوصيات نافعة قابلة للتنفيذ.

ويشترك فى هذه الندوات محاضرون لهم جاذبية عند الشباب، ويكون لهم توجيه وتأثير.

ونريد أيضاً مناهج تثقيفية للشباب:

كان يجب أن تبدأ من المرحلة الدراسية، وتشترك فيها بطريقة عملية وزارة التربية والتعليم، ثم تكمل فى مراكز الشباب.

وفى هذه المناهج يعرف الشباب حقوقهم وواجباتهم، وتُغرس فيهم مبادئ وقيم يتصرفون بها داخل المجتمع. ويدرسون أيضاً ما يحتاج اليه وطنهم منهم باسلوب حكيم غير مندفع.

****

والشباب يحتاج أيضاً إلى مجالات لتشغيله

من المجالات الناجحة المفيدة، فرق الكشافة والجوالة، وما تتصف به هذه الفرق من صفات نبيلة، وما تقوم به من خدمات متعددة.

هناك من يشتركون فى فرق الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وفى أنواع اخرى من فرق الانقاذ المتعددة.

وبعض المحافظين قاموا بتشغيل الشباب – أثناء العطلة الصيفية – فى الاهتمام بنظافة المدينة، وفى الاشتراك فى حفظ انضباط حركة المرور... وكانوا يعطونهم مقابل ذلك أجراً رمزياً. المهم أنهم شغّلوا طاقاتهم.

والبعض شغّلهم فى حماية بعض المنشأت، بعد تدريبهم على ذلك..

ويمكن تشغيل الشباب فى العمل الاجتماعى أيضاً... وهناك أساليب كثيرة يمكن إبتكارها ليكون ينشغل بها الشباب، فتحميه من الفراغ الذى يدمر نفسه، ويدمر به غيره...

****

والأكثر أهمية هو فكر الشباب وتوجيهاته

وهذا ما ينبغى ان تعنى به مراكز الشباب، وكل الهيئات المهتمة بالشباب، بحيث يكون فكراً صالحاً بناءً، يبعد عن الانحراف، وعن الإنفعال الطائش، ولا يخضع لأى توجيه ردئ.

وهذا موضوع طويل، لا أظن أن هذا المقال يتسع له.