صفات الله الذاتية

التى يختَصّ بها وحده

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث

10 يونيو 2006

جريدة أخبار اليوم

 

هناك صفات يشترك فيها الله مع بعض خليقته. وتكون فى الله مطلقة وغير محدودة، بينما تكون فى المخلوقات نسبية ومحدودة. مثال ذلك: الحكمة

فالله يتصف بالحكمة، وكثير من البشر يوصفون بأنهم حكماء. ولكن حكمة الله مطلقة وغير محدودة، بينما حكمة البشر محدودة. وهى حكمة نسبية، نسبة لما وهبهم الله من ذكاء، ومن حسن تصرف...

وما نقوله عن الحكمة فى هذا المجال، نقوله أيضاً عن القوة والرحمة والجمال والمعرفة، وما شابه ذلك من الصفات...

****

الأزلية

غير أن هناك صفات خاصة بالله وحده، لا يشاركه فيها أى مخلوق مهما ارتفع... ومن هذه الصفات الذاتية: الأزلية

فالله وحده الأزلى، الذى لا بداية له. ولا يوجد كائن آخر أزلى، لأن كل الكائنات الأخرى لها بداية. وبدايتها هى يوم خُلقت، يوم وُجدت، يوم وُلدت... وقبل ذلك لم يكن أىّ من تلك المخلوقات موجوداً

وهذا الكون كله، بكل ما فيه من قارات وأقطار وبلاد، وما فيه من شموس وأقمار وكواكب... كل هذا الكون مخلوق، وله بداية، ولا شئ فيه يتصف بالأزلية...

لذلك من الخطأ أن نقول مثلاً: علاقتنا بالبلد الفلانى هى علاقة ازلية!! لأنه لا هذا البلد ولا نحن يمكن أن يوصف بالأزلية! المقصود طبعاً إنها علاقة قديمة جداً. ولكن مهما كانت درجة قدمها، فلها بداية. اذن هى ليست أزلية...

****

الخلق

من صفات الله الذاتية أيضاً إنه الخالق

هو وحده الخالق. وهو وحده قد خلق كل شئ... وعبارة (خلق) تعنى أنه أوجد من العدم، من لا شئ...

أما ما ينسب إلى العقل البشرى من أشياء مبهرة، فهو قد صنعها ولم يخلقها، وقد صنعها من المادة التى خلقها الله، كما أنه صنعها بذكاء جبار اتصف به العقل البشرى. ولكن العقل البشرى من خلق الله، وذكاء ذلك العقل من موهبة الله.

الله اذن هو الذى خلق المادة، وخلق العقل والذكاء. والعقل استخدم المادة والذكاء، فى مجال التكنولوجيا وغيرها، وصنع كل تلك الصناعات المبهرة. ويبقى الله هو الخالق وحده

****

والله لم يخلق فقط المادة وكل ما هو مادى، إنما خلق أيضاً الروح والعقل. وخلق الملائكة وهم أرواح...

خلق الحياة... وكخالق يمكنه أيضاً أن يسحب هذه الروح التى منحها للحياة. لذلك فهو المحيى والمميت. بيده الحياة والموت. وهو الذى خلق الطبيعة، وبإمكانه أن يفنيها...

****

واجب الوجود

أيضاً من صفات الله وحده أنه واجب الوجود. ويقول البعض عن هذه الصفة أنه موجود بالضرورة. أى أن الضرورة تحتم وجوده. ذلك أن كل الموجودات تحتم وجود كائن أعلى كلى القدرة هو الذى أوجدها، وكان سبب وجودها. لذلك يصفه بعض الفلاسفة بأنه (العلة الأولى) أى السبب الأصلى لإيجاد جميع الموجودات...

لا يوجد كائن غير الله، يمكن وصفه بأنه واجب الوجود.

أو الضرورة تحتم وجوده. لأنه مادامت كل الكائنات الأخرى مخلوقة ولها بداية، ولم تكن موجودة قبل هذه البداية، اذن فهى ليست موجودة بالضرورة. فما دام قد مرّ وقت قبل خلقها، لم تكن موجودة فيه، إذن وجودها لم يكن ضرورياً...

****

 

غير محدود

من صفات الله أيضاً انه غير محدود

فهو غير محدود فى القدرة، أى أنه قادر على كل شئ

وهو الوحيد القادر على كل شئ، لا يشاركه فى هذه الصفة البشر ولا الملائكة. فالملائكة لهم قدرة عظيمة، لكنهم ليسوا قادرين على كل شئ. والبشر مهما عظمت قدرتهم، ليسوا قادرين على كل شئ. يكفى أن الموت قد غلبهم جميعاً

ومن مظاهر قدرة الله على كل شئ، صنعه المعجزات...

****

الله أيضاً غير محدود من جهة المكان. فهو موجود فى كل مكان، ولا يسعه مكان.

هو دائم الحضور فى كل موضع. وهذه صفة خاصة به وحده. فلا يستطيع أحد أن يكون موجوداً فى مكانين فى نفس الوقت. والله إذ يوجد فى كل مكان، إنما يرقب كل ما يحدث فيه... وبهذا المعنى نقول انه فاحص للقلوب، وقارئ للأفكار

****

الله أيضاً غير محدود من جهة المعرفة. فهو يعرف كل شئ عن كل شئ. وهذا الموضوع يحتاج وحده الى مقال خاص

****

صفات أخرى

من صفات الله أنه لا يتغير

وأنه حىّ دائم الحياة، له فى ذاته الخلود

وأود أن اكتفى بهذا الآن. لأن الله غير المحدود أعظم من أن يسع الحديث عنه مقال صغير مثل هذا.

 

(وللحديث بقية)