أمثال شائعة

مع شرح وتعليق

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث

13 يناير 2007

جريدة أخبار اليوم

      ما أكثر الأمثال الشائعة, بعضها بالعامية وبعضها بالشعر.

وهى تجرى عند الناس مجرى الحكمة. ولكن ليست كلها سليمة تماماً, وقد تحتاج إلى تعليق. ونذكر من بينها:

 إمشى على مهلك, علشان توصل بسرعة...

     ويضرب هذا المثل بوجه خاص لسائقى السيارات الذين بسبب السرعة المتهورة تحدث لهم حوادث غالباً ما تعطلهم. فلو أنهم تجنبوا تلك السرعة, لأمكنهم تجنب الحوادث ووصلوا بسرعة.

ويمكن أن يستخدم هذا المثل للتحذير من كل سرعة ضارة.

وينضم إلى هذا المثل مثلان آخران هما

 فى التأنى السلامة, وفى العجلة الندامة. وأيضاً

 العجلة من الشيطان:

      ويضرب هذا المثل بقصد التروى, والتفكير وعدم التسرع. ذلك لأن بعض الأمور التى تعمل بسرعة, لا تأخذ ما يلزمها من الدراسة.. ولكن يجب ملاحظة الفرق بين السرعة والتسرع.

   التسرع مذموم. ولكن السرعة قد تكون واجبة أحياناً, كالسرعة فى انقاذ شخص فى خطر, وفى إغاثة المحتاج, مثل السرعة فى إطفاء حريق أو انقاذ غريق. كذلك السرعة فى اداء الواجب, والسرعة فى التوبة قبل أن تمدّ الخطيئة جذورها فى أعماق النفس. وأيضاً السرعة فى دفع أجرة الأجير لأنه محتاج.

    وبهذه المناسبة, نذكر أن أحد الشعراء فى التأنى:

قد يدرك المتأنى بعض حاجته    وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ

    فردّ عليه شاعر آخر بقوله:

وكم أضرّ ببعض الناس بطؤو      وكان خيراً لهم لو أنهم عجلوا

***

 

         وفى هذا المجال لا ننسى المثل الشائع القائل:

 كل تأخيرة وفيها ِخيرة (أى خير):

        ولعل المقصود به التأخير الذى سببه التفكير والتروى أو الأنتظار للإستشارة الحكيمة, أو الأنتظار لتدبير الوقت المناسب...

      ولا نستطيع أن نقول إن هذا المثل سليم فى كافة الأحوال, فهناك أمور لا يكون التأخير فيها للخير. كالذى يتأخر فى علاج مرض, فتزداد خطورته ويصبح غير قادر للعلاج.

     وأمور كثيرة جداً يكون التأخير فيها مضراً, حتى فى بعض الأمور المادية. مثل تأخير مشروع, حتى ترتفع الأسعار والأجور فتكون تكاليفه أكثر, ولا يكون التأخير فيه خيراً. وايضاً التأخير الذى تضيع به بعض الفرص المتاحة.

* نذكر بهذه المناسبة المثل القائل

  5- اضرب الحديد وهو سخن

       ذلك لأنه فى تلك الحالة يمكن طرقه وتشكيله. أما لو تأخرت حتى يبرد, يصعب ذلك العمل. ويضرب هذا المثل فى انتهاز الفرصة المناسبة

***

 وهناك مثل آخر يحتاج إلى تعليق وهو:

 امشى سنه, ولا تخطى قنه (أى قناة):

        ويضرب هذا المثل فى الحث على البعد عن الأخطار, ولو أدّى الأمر أن يتكلف الإنسان مزيداً من الوقت والجهد. أى أسلك فى الطريق الأكثر أمناً, ولو كان طويلاً. فلا تختصر المشوار بأن تعبر قناة ربما تسبب غرقك. حتى لو اضطررت أن تمشى سنة.

      وطبعاً عيب هذا المثل أنه ضد الجرأة و المخاطرة, بزيادة الحرص! وما أسهل أن يعبر الإنسان بدون خوف أو خطر.

***

هناك مثل فى الابتعاد عن التحدث فى عيوب الناس, وهو:

 من كان بيته من زجاج, لا يقذف الناس بالحجارة

  لأنهم لو بادلوه حجراً بحجر, لا نهدم بيته كله. ويضرب هذا المثل للذى يتكلم عن عيوب الناس وكله عيوب.

    ولعل المثل مأخوذ من قصة المرأة الخاطئة التى أراد بعض معلمى اليهود أن يرجموها, وهم أيضاً خطاة. فقال لهم السيد المسيح "من كان منكم بلا خطية, فليرمها بأول حجر".

* ويشبه هذا المثل قول أحد الشعراء:

اذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى

              وحظك موفور وعِرضك ميّنُ

      لسانك لا تذكر به عورة امـرئٍ

            فكلك عورات وللنـاس ألسـنُ

    وعينك أن أبدت اليك معايبـــاً

            فصنها وقل يا عينُ للناس أعينُ

***

ويشبه هذا الأمر المثل القائل:

 لا تعايرنى ولا أعايرك, دا الهم طايلنى وطايلك

         أى لا داعى لأن تعيب أحداً على خطأ أنت واقع فيه. أو لا تشمت فى مصيبة إنسان, وأنت فى نفس الحال

***

   مثل آخر عن إيذاء الآخرين, هو

 اللى يشدّ ديل قط, يخربشه

        يضرب هذا المثل عن رد الفعل للإيذاء, فإنه يُقابل بإيذاء مثله.

لذلك ينبغى البعد عن التحرش بالغير.

* وقيل عن المعاملات السيئة التى تطول وتستمر:

 مِثل ليالى الشتاء طويلة وباردة

         ويقال ذلك عن العداوات والعلاقات التى تُتعب ولا تنتهى بسهولة. أو عن التجارب والضيقات التى تستمر زمناً.

 

 

الجزء الثاني من المقال قبل التعديل وطبع بجريدة الأخبار بتاريخ 20/1/2007

 

 خبطتين فى الراس توجع:

          أى أن الإنسان قد يحتمل ضربة واحدة. أما اذا تكاثرت عليه المشاكل والضربات وفى مناطق موجعة, فإن هذا يتعبه.

* وهذا ما شكا منه أحد الشعراء فقال:

   لو كان هماً واحداً لاحتملته ... لكنه همًّ وثانٍ وثالثُ

* وقال آخر عن توالى المتاعب:

كم أداوى الجرح قلّت حيلتى ... كلما داويت جُرحا سال جُرحُ

وفى توالى المتاعب, ضُرب المثل الآتى:

 خللّى المِيه (100) ميّه وأردب:

         أى أنه اذا وصلت الخسارة إلى مائة أردباً, فلا يفرق كثيراً إن كانت 101. ويضرب المثل للمشاكل العديدة, أو الأخطاء العديدة, إن زادت واحدة .

***

وعن الاغتياب أو الدسّ فى الخفاء, قيل:

13- قُل فى وشه, ولا تغشه

       أى تكلم معه مواجهةً وبصراحة, خير من أن تخدعه بكلام معسول وأنت ضده.

وقيل أيضاً عن مثل هذا المرائى الخدّاع:

14- فى الوش مرايه, وفى القفا سلاّيه (أى شوكة)

         وهذه العبارة تعطى نفس المعنى الذى للمثل السابق. أى تظهر أمامه كانك مرآة, لك نفس فكره و رأيه, بينما تكون شوكة فى ظهره.

***

وقيل عن التأثير الذى يظل باقياً مهما ابتعد صاحبه أو صمت:

15- يموت الزمّار وصباعه بيلعب:

        ويضرب هذا المثل للآثار التى تظل باقية, حتى بعد انتهاء خدمة أو مسئولية صاحبها, سواء عن طريق اتباعه أو حاشيته, أو عن طريق تدخله الخفى فى العمل, بعد تركه المسئولية فيه.

أو يُضرب مثلاً عن الشخص الذى تتخلص من مرافقته, ولكن مؤامرته ما زالت تلاحقك. أو يُضرب عن الشر الذى انتهى فعله, ولكن نتائجه مستمرة ولم تنتهِ.

***

وقيل عن المشاكل التى تصدر من السلبيين, ولا يُبالى بها

16- القافلة تسير, والكلاب تنبح.

أى أن العمل الايجابى يبقى ويستمر فى مسيرته, بينما الأعداء يتصايحون حوله بلا نتيجة.

***

17- مثال آخر: الديك الفصيح من البيضة يصيح

أى تظهر شخصيته بمجرد أن يفقس (أى يخرج من البيضة). ويضرب هذا المثل لمن يظهر نبوغه من صغره, أو من تظهر مقدرته بمجرد توليه المسئولية.

***

18- مثال آخر: ايه رماك على المرّ, قال اللى أمرّ منه.

أى أن ما دفعه إلى الشدائد, ما هو أشد منها. فاختار أخف الضررين.

 

[وللمقال بقية]