العولمة

فوائدها وتأثيرها وأضرارها

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث

21 أبريل 2007

جريدة أخبار اليوم

 

          العولمة هى إنفتاحنا على باقى بلاد العالم, وانفتاحها هى علينا, وكسر الحواجز الفاصلة... مع احتفاظنا على قدر الإمكان بما للشرق من مبادئ وقيم..

          وطبيعى اننا لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عن العالم ونصبح كجزيرة منفردة بذاتها فى المحيط. فالعالم الآن قد صار مختلطاً وممتزجاً, بحيث أنه فى تفصيلات حياته يأخذ ويعطى.

          وليس العولمة جديدة عليه, بحيث يمكن قبولها أو رفضها. فقدت بدأت فعلاً. والمهم الآن هو ما مدى الإنتشار الذى يُسمح به لها؟ وما مدى الفائدة العائدة منه أو الضرر.

***

* أول انتشار هو عالمية الأخبار:

          فقد أصبحت أخبار كل جهات العالم متداولة, وفى معرفة كل ما يريد. وذلك عن طريق الصحف والإذاعة والتلفزيون وكثرة الفضائيات التى انتشرت وباقى وسائل الاعلام. بحيث يمكن لأى شخص أن يستخدم الأنترنت مثلاً, ويستخرج ما يشاء من المعلومات والأخبار, عن أى بلد, أو أى شخص, أو أى علم. ويعرف بذلك تفاصيل التفاصيل, بلا مانع...

          ومع ما فى هذا الأمر من فائدة, إلا أن له اضراراً.

       فالانترنت ينشر كل شئ, ما ينفع وما يضر, ينشر الصدق وكذلك الكذب والأخبار المبالغ فيها. وكل من يريد أن يسجل فيه منهجه وفكره. فتجد فيه الهجوم والدفاع, والهجوم المضاد. ومن يأخذ كل تسجيلات الأنترنت كقضية ثابتة, إنما يشوش أفكاره. فيحتاج الأمر إلى فحص وإلى تحقيق, ومقارنة الأخبار. وليس هذا بإمكان الكل.

***

* الأمر الثانى فى العولمة هو انتشار العلم بكل فروعه:

          لم يعد العلم حكراً على بلد معين, أو عالم محدد بالإسم, إنما هو للكل. فعلوم الطب والصيدلة والدواء وطرق العلاج أصبحت متداولة بين باقى الشعوب, سواء عن طريق البعثات العلمية, أو ما ينشر عنها فى الكتب أو المجلات العلمية. وينطبق هذا أيضاً على ما ينشر عنها فى الكتب أو المجلات العلمية. وينطبق هذا أيضاً على كافة العلوم من هندسة وزراعة واقتصاد وغير ذلك.

          وكل هذا مفيد ونافع. وعلى كل دولة أن تنتفع بما وصلت إليه باقى الدول من حضارة ورقي وتقدم. ولا تتخلف عن الركب.

***

* من الأمور النافعة فى العولمة أيضاً كافة المخترعات المفيدة:

          فبعد أن تخطينا زمن اختراع الطائرات ووسائل الميديا Media, بدأ انتشار الريكوردر, والكمبيوتر, وتليفون السيارة, والتليفون المحمول, وادوات التصوير الحديثة, والفاكس, وغير ذلك من المخترعات فى مجال الهندسة, والنقل, والريّ بالرش, وأنواع من الماكينات, ووسائل البناء الحديثة. وكل ذلك لم يكن معروفاً من قبل. ونشرته العولمة, حتى اننا نجد فى أمريكا نفسها سيارات يابانية, وصناعات دقيقة من الصين ومن وكوريا.

          وعن طريق العولمة بدأ أيضاً استخدام الذره, وتخصيب اليورانيوم. وهنا تبدو الخطورة فى تنافس كثير من الدول على إنتاج القنبلة الذرية, والصواريخ الموجهة البعيدة المدى, وباقى أصناف الأسلحة الفتاكة, المهلكة للشعوب والحضارات...

          وإن كانت العولمة بإختراعتها, كان من نتائج ذلك تسهيل كل أنواع الأتصالات. فلعل من أضرار ذلك سوء الأستخدام سواء من جهة الأسرار أو الأخبار أو بعض أمور الأمن. وحتى الأطفال حالياً ينشغلون بالكمبيوتر والانترنت كلون من التسلية وحب الاستطلاع. ويكون لذلك ثأثيره على تحصيلهم الدراسى, بل وعلى أخلاقهم أيضاً, إذ يفتح أذهانهم على أمور تضرهم, أو ينشغلون بروايات وأفلام جنسية تثيرهم وتتعبهم. أو عن طريق هذه الأتصالات السهلة يقعون فى علاقات معينة وتتفتح أمامهم أبواب للانحراف...

          ويرى جيل الأنترنت والكمبيوتر أن آبائهم على درجة من الأمية إذ ليست لهم نفس معرفتهم ومقدار معلوماتهم. وهكذا لا يوجد تواصل بين الأجيال المتتابعة.

          وإن كان العلم حالياً فى تطور للوصول إلى التليفون الذى ينقل الصورة أيضاً بين المتخاطبين, فما أسهل أن يكون لهذا الأمر ضرره أيضاً من حيث الخوض فى خصوصيات من الخطر أن تُعرف...

***

* ومن تأثير العولمة أيضاً تطور الآلات:

          وعلى الرغم من فوائد النمو فى صناعة الآلات, إلا أن القاعدة المعروفة هى أنه كلما ازداد استخدام الآلة, كلما ازدادت البطالة, إذ أن الآلة توفر عدداً كبيراً من العمالة. وهذا له ضرره من الناحية الأجتماعية, وإن كان يفيد من جهة سرعة ووفرة الأنتاج. ولكنه يفيد الرأسمالية بوجه خاص..!

          وكمثال لذلك: بعد أن كان ريّ فدان من الأرض الزراعية يحتاج إلى ستة من الفلاحين, اصبح استخدام الري بالرش يلزمه حوالى ثلاثة عمال فقط لري عشرين فداناًُ. ونفس الأمر فى وسائل البناء والنقل...

          كان استخدام الآلة هو بدء الانقلاب الصناعى فى اوروبا. وبكثرة استخدام الآلات انتشرت البطالة فى أجزاء كثيرة من العالم. وبدأت تقوم الأصطدامات بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال...

***

          بقى أن نتكلم عن تأثير العولمة على الحضارة, وتفاعل الحضارات أو اصطدامها. وتأثيرها على الثقافة واللغة, وعلى المبادئ والأخلاقيات والقيم. وتأثيرها على الحرية والديموقراطية, وعلى الأسرة والمجتمع ووضع المرأة سياسياً واجتماعياً. وثأثيرها من جهة الإنجاب وبنوك الأعضاء, وموضوع الاستنساخ وتطوره, وموضوع الاستثمار, وكل ما يتعلق بالهجرة..

فإلى اللقاء فى المقال المقبل, لنكمل حديثنا هذا, إن أحبت نعمة الرب وعشنا.